ثمّ هَبْ قابلٌ للعدم إذا عني صفة الفعل لكنه صار موجودًا والموجود بعد وجودِه لا يجوز أن يكون معدومًا إذ الجمع بين الوجود والعدم محالٌ
وإن قال نحن نُجوِّز أن يكون معدومًا لتجويزنا عدمَ الحكم في الفرع وكون هذا الجواز ملزومًا لجواز عدم الوصف الذي أضيف إليه الحكم في الأصل
قيل ذلك تجويزنا لعدمِه مستندٌ إلى عدم عِلْمِنا به هل هو موجود أو معدوم وعدمُ علمنا به لا يجوِّز أن يكون مانعًا من كونه علةً للحكم في الأصل ولا عِلمُنا بوجودِه يُجوِّز أن يكون خيرًا من العلة في الأصل ولا شرطنا في العلة لأن العلّة هي الوصف الذي لأجله أثبتَ الله ذلك الحكم وذلك المناط إذا ما ثبت في علم الله لا يجوز أن يختلف وهو ثابت في علم رسولِه صلَى الله عليه وسلم قبل وجودنا وقبل اعتقادنا فلو جاز أن يكون علمنا مؤثّرًا فيه وجودًا وعدمًا للَزِمَ أن تكون عقائدنا مؤثرةً فيما ثبتَ في علم الله وعلم رسولِه صلَى الله عليه وسلم وذلك لا يجوز
فإن قال يجوز أن يكون اعتقادنا عَلَمًا على الحكم ودليلاً عليه وعند ذلك يختلف باختلاف كونه قطعيًّا أو ظنّيًّا
قلت الأدلة ما يُوجِب الاعتقادات فلو كانت الاعتقادات أدلةً لَزِمَ أن يكون الشيءُ دليلاً على نفسه ثم الاعتقادات لابدّ أن تستندَ إلى أدلة والدليل هو العلة ونحوها فكيف تستند الأدلةُ إلى الاعتقادات