ولا ما يُحيلها بل يجوز أن تكون واجبةً ويجوز أن تكون ممتنعةً لكن لمّا دلَّ على وقوعها حكم العقل أنها جائزة

وكذلك كل الأمور التي هي من مواقف العقل ومَحَاراته فإن الجواز هنا معناه أن الإنسان ليس له علمٌ بما الأمرُ عليه في نفسه فهو يُجوِّز النقيضين والضدَّين فالجواز بالمعنى الأول عِلمٌ بحقيقة الأمر والثاني عدمُ علمٍ بحقيقة الأمر بل وَقْفٌ وشكٌّ والأول صفة ثابتة للماهيَّة كانت نسبيةً أو ثبوتيةً أو عدميةً والثاني تردُّدٌ ذهني وتجويزٌ عقليٌّ والجواز الأول لا يجوز عليه التبدُّل والتغيُّر بل هوهو في علم كل عالم والتجويز الذهني لو انكشفت الحقائقُ لصاحبه لظهر أحدُ الأمرين والفرق بين الجواز الوجودي العيني والجواز العلمي الذهني ظاهر

فقولك الحكم يضاف إلى ما هو جائز العدم تَعْنِي به أنه في حقيقته يجوز أن يكون موجودًا ويجوز أن يكون معدومًا أم تَعني به أنه في اعتقاده يجوز أن يكون معدومًا إن عَنَيتَ الأوَّلَ فلا نُسلِّمه فجاء الدليل عليه ثم نقول لا يجوز أن يكون معدومًا لأنه حكم الله وحكمُ اللهِ قديم وهو مضافٌ إلى علمِه القديم وما ثبتَ قِدَمُه استحالَ عدمُه فبتقدير أن يكون الحكم ثابتًا لا يجوز عدمُه ولا عدمُ ما يُضاف إليه ثم لا فرق على هذا التفسير ثم لا فرق بين الأول والثاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015