الوجه السادس أن قوله إلى ما هو جائز العدم والمشترك ثابت قطعًا إشارة إلى كون العلة قطعية وظنية والدليل عليه إجماع الناس على أنه يجوز أن يكون ثبوت المشترك في الأصل والفرع قطعيًّا بمعنى أنه يجب أن يقطع بوجوده فيهما وبأن الحكم مضافٌ إليه فيهما فإن ذلك إذا وُجِد يكون القياس يقينيا وحينئذٍ لا يخالف فيه أحد وما سوى ذلك فهو القياس الظني وهو حجة عند القياسيين في الجملة فلا يُقبَل منعُ الاحتجاج به ممن شرع في الكلام عليه إذ شروعُه في الكلام عليه تسليمٌ لأصل الاحتجاج به ثم هو على خلاف إجماع الفقهاء المعتبرين وكون الشيء قطعيًا وظنيًا نسبةٌ له إلى اعتقاد العباد وذلك لا يؤثر فيه فإن حقيقته في نفسه لا تتغيَّر بتغيُّر اعتقاد الناس فيه وإنما يتغير حكم الناس بتغيُّر اعتقادهم فإن كان اعتقادهم لإضافة الحكم إلى المشترك ولثبوته فيهما قطعيًّا فالقياس قطعي وإن كان ظنّيًّا فالقياس ظنّي لكن هذه أمور خارجة عن نفس العلة وصفاتها فلا يجوز التعويل عليها في نفي علة المشترك
السابع أن قولك الحكم مضاف إلى ما هو جائز العدم في إحدى الصورتين لفظ مشترك فإن الجواز من عوارض الماهيات ومن عوارض الاعتقادات فإذا قيل العالم جائز أو ممكن فذلك حكمٌ على ماهيته بقبولها للوجود والعدم وإذا سُئل الرجل عن وجوب الزكاة في الحليّّ فقال يحتمل أن يكون واجبًا ويحتمل أن يكون غير واجب أو سئل عن رؤية الله بالأبصار فقال ليس في العقل ما يوجبها