دلالةً مسلَّمةً على ما يخالف الإجماع مثلَ أن يقال على هذا الحديث: لو كان له أصلٌ فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرَ بأداءِ زكاة المال والفقير ليس له مالٌ تكون له زكاةٌ أوله مالٌ لكن لا زكاةَ له أو يقال لا نُسلِّم أنّ للفقير زكاةَ مالٍ حتى يُؤمرَ بأدائها فإنّ الأمر بأدائها فرعُ تحقُّقِها فلو أثبت تحققها بالأمر بأدائها لزمَ الدورُ

فإن قال يجوز أن يكون مرادًا

قلنا لا نسلِّم فإن زكاةِ المال لا يُعرف لغةً وإنما يعرف شرعًا فإن لم يثبت من جهة الشرع أنَّ لهذا المال زكاةً امتنع أن يُراد أداء زكاةٍ فيه من هذا الخطاب

واعلم أن اللفظ لو كان في أموالكم زكاة ونحو ذلك احتجنا إلى جواب آخر وإنما أمر بأداء زكاة الأموال والإضافة إلى المعرفة تقتضى التعريف فلابُدَّ أن تكون زكاةُ الأموال معروفة حتى ينصرفَ الخطابُ إليها وسواءٌ أُريدَ الزكاة المعتادة أو جنس الزكاة فالاستدلال به موقوف على ثبوت هذا الاسم في حقّ الفقير ولا سبيل إلى ذلك

واعلم أنه يمكن إثباتُ التلازم بالقياس الصحيح كما سنذكره إن شاء الله تعالى وهو الذي يعتمد عليه في هذا الباب وعادةً هؤلاء يُثبِتونه بقياسٍ عام كما أثبتوه بنصٍّ عام وربَّما أثبتوه بالنصّ والقياس جميعًا وبعضهم يقول لا يُستدلُّ به مع وجودِ النصِّ وهذا ليس بشيء فإنه لو فرض وجود قياس يوافق مقتضى النص لم يمتنع الاستدلال به فإن توارد الأدلة القوية والضعيفة على مدلولٍ واحدٍ ليس بممتنع إنما القياس الباطل ما خالف مقتضى النصّ لا ما وافقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015