ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل) وفي رواية: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) فالصيام هنا فعل منفي بـ (لا) النافية فتجري عليه المراتب الثلاث فنبدأ بالمرتبة الأولى وهي مرتبة نفي الوجود فنظرنا فإذا الحمل عليها متعذر؛ لأنه قد يقع في الوجود صيام بلا نية من الليل، فلما تعذرت انتقلنا إلى الصحة فإذا الحمل عليها لا يلزم منه مانع فحملناه عليها، فنقول: المنفي هنا هو صحة الصيام، فالذي لا يبيت النية من الليل فلا صيام له، وهذا في الفرض، وأما النفل فقد دل الدليل على جواز إنشاء نيته من النهار كما في حديث عائشة عند الإمام مسلم.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان) رواه مسلم من حديث عائشة، فهنا قال: (لا صلاة) فالصلاة هنا فعل منفي والأصل أن يحمل النفي على الوجود، ولكن حمله عليه هنا متعذر؛ لأنه قد يصلي الإنسان بحضرة الطعام، فننتقل إلى المرتبة الثانية وهي نفي الصحة، فنظرنا إذا الأمر لا يمكن لأنه قد أجمع العلماء إلا من شذ أن الصلاة بحضرة الطعام صحيحة، وكذلك مع مدافعة الأخبثين، فالحمل على عدم الصحة أيضًا متعذر، فننتقل إلى المرتبة الثالثة وهي نفي الكمال.
فنقول: أي لا صلاة كاملة.