منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا صلاة إلا بطهور) فقوله: (لا) حرف نفي، وقوله: (صلاة) عبادة منفية (بلا) فنجري عليه المرتبة الأولى وهي نفي الوجود فنظرنا فوجدنا أن الصلاة بلا طهور قد توجد، فقد يصلي الإنسان بلا طهارة، فإذًا حمله على نفي الوجود لا يمكن فننتقل للمرتبة الثانية وهي نفي الصحة والحمل عليها لا مانع منه فقلنا به، فكأنه قال: لا تصح الصلاة بلا طهور، ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) متفق عليه.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا نكاح إلا بولي) من حديث أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه فقوله: (لا) نافية للجنس، وقوله: (نكاح) المراد به إبرام عقد الزوجية، وهو منفي بـ (لا) فالأصل أنه ينفي حقيقة وجوده، لكن هذا غير مراد لعدم إمكان الحمل عليه؛ لأن المرأة قد تنكح نفسها بغير إذن وليها، فالنكاح بلا ولي قد يوجد، إذًا لا يمكن حمل النفي على نفي الوجود، فننتقل إلى المرتبة الثانية وهي نفي الصحة أي لا نكاح يقع صحيحًا إلا بولي فالولي شرط من شروط صحة النكاح، ولا نتعدى هذه المرتبة إلى التي بعدها وهي نفي الكمال؛ لأن الأصل موجود فلا ننتقل إلى بدله، فالمنفي هنا هو الصحة، وبه تعرف خطأ الحنفية الذين يجيزون للمرأة الحرة أن تنكح نفسها وهو خطأ مخالف للدليل.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها) رواه ابن ماجه والدارقطني ورجاله ثقات وعلى كل حالٍ فمذهب جمهور أهل العلم هو أن المنفي هو الصحة.