ومنها: صلاة عادم الطهورين - الماء والتراب - كمن حبس في مكانٍ ولا ماء عنده ولا تراب، وحضرت الصلاة فإنه يجتهد في طلب الماء أو التراب فإن لم يجبه أحد لذلك، ولا طريق له في الحصول على أحدها فإنه يصلي في الوقت وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه إذا وجد أحدهما ولو في الوقت؛ لأنه بذل وسعه في تحصيل أحدهما ولم يستطع فلا يكلف إلا ما في وسعه، والذي في وسعه في هذه الحالة هو أن يصلي بلا طهارة، فصلى بدونها للعجز عنها فلا ضمان عليه، بل ومن فضل الله عليه أن يكتب له أجر من صلى بالطهارة، وهذا خلاف من قال تجب عليه الإعادة إذا وجد أحدهما في الوقت، وهذا تكليف آخر بلا دليل، فإن الصحابة الذين ذهبوا يبحثون عن عقد عائشة لما حضرت الصلاة صلوا بلا وضوء ولا تيمم؛ لأنه كان قبل شرعية التيمم، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة، بل إن عمارًا - رضي الله عنه - لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ فأجنب فلم يجد الماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة وصلى، وهذا التيمم ليس هو التيمم الشرعي فكأنه صلى بلا غسل ولا تيمم ومع ذلك لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة؛ لأنه بذل ما في وسعه وطاقته في ذلك، وكل من بذل ما في وسعه فإنه لا ضمان عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015