ومن ذلك أيضًا: عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها) رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي. فالمرأة لها أن تتزوج لكن يشترط أن يتولى عقدها وليها؛ لأنه أعلم بمصلحتها، فإذا استعجلت المرأة زواجها فتولت هي عقده بدون الرجوع إلى وليها أو السلطان إن لم يكن لها ولي إذا فعلت المرأة ذلك فتكون قد استعجلت ما هو حلال لها بطريق محرم فتعاقب بالحرمان منه، فيفرق بينهما؛ لأن نكاحها حينئذٍ باطل ولها المهر إن كان الرجل قد استحل فرجها فلما استعجلت شيئًا قبل وقته عوقبت بالحرمان منه.
ومن ذلك: حديث أبي هريرة في الصحيحين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعًا من تمر) متفق عليه، ولمسلم: (فله الخيار ثلاثة أيامٍ) والتصرية حبس اللبن في الضرع ليوهم المشتري أنها ذات لبن، وهذا من التدليس وهو إظهار المبيع في صورة غير صورته بقصد التغرير بالمشتري لزيادة الثمن فحصل على هذه الزيادة بطريق غير مشروع استعجالاً لها فعوقب بثبوت الخيار للمشتري بين الإمساك أو الرد بعد حلبها مع صاع من تمر معاملة له بنقيض قصده.
ومن ذلك: حديث ابن عباس في الصحيحين مرفوعًا: (لا تلقوا الركبان) ولمسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: (لا تلقوا الجلب من تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار) فهذا الذي تلقى الجلب قد استعجل الشراء برخص قبل وصول الجلب إلى السوق لعدم علمهم بالثمن، فيكون قد استعجل الشيء قبل أوانه على وجهٍ محرم فعوقب بثبوت الخيار لأصحاب الجلب بين الرد وبين دفع الثمن المتبقي معاملة له بنقيض قصده.