ومنها: استدل بعض العلماء على وجوب الزكاة في الحلي المستعمل بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قصة المرأة التي أتت بابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال: (أتؤدين زكاة هذا) ؟ قالت: لا. قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار) فأخذتهما فألقتهما، فقالت: هما لله ورسوله.
وأجاب المانعون عن الاستدلال بذلك بأن الزكاة المدنية شرعت ذات أنصبة محددة لا يجب على المرء ما زاد عنها، ونصاب الذهب والفضة ربع العشر، فلو كان المراد بقوله: (أتؤدين زكاة هذا) الزكاة المدنية لنبه هذه المرأة على أن الواجب فيها إنما هو ربع العشر وليس كلها؛ لأنها تجهل الحكم أصلاً وتحتاج إلى بيان (?) ، فلما لم يبين ذلك دل على أن المراد هو الزكاة0 المكية التي تجب في القليل والكثير حتى في الماعون، ذلك لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فإن قيل: هي تصدقت به كله فأدت الواجب وزيادة.
فنقول: حتى وإن سلمنا هذا فإن المأخذ هو أنها تجهل وجوب الزكاة في الحلي ولا تعرف أنصبائها من باب أولى، فتحتاج إلى بيان، فلما لم يكن ذلك دل على أن الزكاة المرادة هي الزكاة المكية وهي كمرحلة أولى للزكاة المدنية، فإن الزكاة المكية شرعت بلا أنصباء بخلاف الزكاة المدنية، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.