ومنها: ذهب بعض أهل العلم إلى أن مس المرأة ناقض للوضوء مستدلين بقوله تعالى: {أو لمستم النساء} وهي قراءة سبعية، وذهب البعض إلى أن مس المرأة لا ينقض الوضوء لحديث عائشة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ) رواه أحمد وضعفه البخاري وغيره من الأحاديث، ولأن مس الرجل لزوجته ومسها له أمر مشهور تعم به البلوى، فلو كان ناقضًا للوضوء لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وأما الآية فالمراد باللمس الجماع للقراءة الأخرى: {أو لامستم النساء} والملامسة هي الجماع، وهذا هو الراجح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه مذي أو مني، فلما حلَّ وقت الحاجة ولم يبين ذلك الحكم دل على عدم اعتباره ناقضًا للوضوء، والله أعلم.
ومنها: ذهب بعض العلماء أن أهل مكة يجمعون ويقصرون مع إمام الحج في المشاعر فيصلون الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في عرفة، والمغرب والعشاء جمعًا وقصرًا في مزدلفة، ويصلون أيام منى قصرًا فقط،وهو اختيار أبي العباس – رحمه الله تعالى –، وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما حج حجة الوداع حج معه أهل مكة، وكانوا يصلون وراءه، ولم يكن - عليه الصلاة والسلام - يأمرهم بالإتمام ولم يبين لهم وجوبه عليهم مما يدل على جوازه لأهل مكة في هذه الأماكن في أيام الحج، إذ لو كان القصر لا يجوز لهم لبين ذلك؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.