ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة لئلا يكون ذريعة لتنفير الناس عنه ولئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل.

ومنها: قوله تعالى عن الخمر: {فاجتنبوه} فتحريم الخمر بالإجماع وذلك لما يفضي إليه من سكر العقل وتغطيته والذي يترتب عليه مفاسد عظيمة، ومع ذلك فقد سد الله جل وعلا جميع الأبواب الموصلة لسكر العقل، فقد حرم القطرة من الخمر لئلا تتخذ القطرة ذريعة إلى الحسوة وحرم إمساكها للتخليل لئلا يتخذ ذريعة لإمساكها للشرب ثم بالغ في النهي حتى نهى عن شرب الخليطين، وعن شرب العصير بعد ثلاث، وعن الانتباذ في الأوعية التي يتخمر فيها أذن في ذلك أعني الإنتباذ في جميع الأوعية وذلك حسمًا لمادة قربان السكر فتبارك الله العلي الحكيم.

ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) وقال - عليه الصلاة والسلام -: (لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ونهى عن بناء المساجد على القبور ولعن فاعله، ونهى عن تجصيص القبر والكتابة عليه، وعن إيقاد المصابيح عليها وأمر بتسويتها، ونهى عن اتخاذها عيدًا، وعن شد الرحال إليها،كل ذلك لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثانًا تعبد من دون الله تعالى فكل ذلك حرام من باب سد الذرائع المفضية للشرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015