ومنها: قوله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا} فقد نهاهم جل وعلا عن قول: (راعنا) مع أنهم لا يقصدون بها إلا الخير وهي من المراعاة وذلك سدًا لذريعة مشابهة اليهود في قولهم: (راعنا) من الرعونة ولئلا يفتح بابًا لليهود كي ينالوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة فيقولونها له يعنون بها سبه متشبهين بالمسلمين في قولها له يريدون بها الخير، فسدت هذه الأبواب كلها بمنع قول هذه الكلمة، واستبدالها بخير منها لا لبس فيها وهي قولهم: (انظرنا) .
ومنها: قوله تعالى في حق النساء: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} فحرم عليهن إبداء الزينة للرجال الأجانب، وسد جميع الأبواب المفضية له ومنها أن تضرب برجلها ليسمع الرجال صوت خلخالها لئلا يفضي إلى إثارة الشهوات منهم إليهن، مع أن ضرب المرأة برجلها في الأصل شيء جائز لكن لما كان يفضي إلى أمرٍ محرم سُدَّ بالنهي عنه.
ومنها: قوله تعالى: {إذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} فنهاهم عن البيع بعد نداء الجمعة الذي تعقبه الخطبة لئلا يفضي البيع في هذا الوقت لتضييع الصلاة مع أن الأصل في البيع الجواز، لكن لما كان وسيلة للتشاغل عن حضور الجمعة سُدَّ هذا الباب بالنهي عنه.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر في الصحيحين: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه) . قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: (يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - سب الرجل لوالدي الرجل سبًا لوالديه مع أنه لم يباشر سب والديه بنفسه وإنما تسبب في سبهم وإن لم يقصد ذلك.