التي تثبت له بها زيادة القدرة، وإذا وجب خفيفاً لا يبقى إلا كذلك، كما إذا وجب بقدر ناقص لا يبقى إلا كذلك وبيانه فيما قال علماؤنا: أن العشر يسقط بهلاك الخارج بعد التمكن من الأداء، لأن الوجوب متعلق بسلامة الخارج وبه إثبات تيسير الأداء لا الإمكان فإن الإمكان ثابت بمال آخر ولكنه من الخارج الذي هو نماء أيسر لئلا ينقص أصل ماله به، وكذلك الخارج لا يجب بإمكان الأداء نفسه فإن لا يجب إذا أهلك الخارج أو إذا نزت الأرض، وفسدت قبل وقت الوجوب وإن أمكنه الأداء بمال آخر، وإنما يجب إذا سلم له الخارج حقيقة أو اعتباراً وهو في أن يكون بحيث لو انتفع بها سلم له الخارج، ولكن حرم بسبب أنه لم ينتفع به فاعتبر سالماً حكماً بقيام صلاحها له وفوت السلامة من قبله لا بأنه لم يزرع ولم يأمر، ولما تعلق بسلامة الخارج صار كالعشر.
وكذلك لا يجب الخراج إذا قل الخارج إلا الأقل من الموظف، ومن نصف الخارج ليكون بعض الخارج له على كل حال، ولا ينتقص به أصل ماله إلا بسبب تقصير جاء منه في الانتفاع بالأرض.
وكذلك الزكاة تسقط بهلاك النصاب بعد التمكن من الأداء لأنها لا تجب إذا هلك قبل التمكن، وإن قدر على الأداء بمال آخر فثبت أن الشرط سلامة النصاب لتيسير الأداء عليه بقليل من كثير مال نام ينجبر ما انتقص منه بالأداء بنموه إلى زوائد في سنته في الأغلب فصار كالعشر أيضاً فيشترط دوام القدرة بذلك المال ما لم يفت، ولا فوت بالتأخير لأنه غير مؤقت.
وكذلك دوام القدرة على التفكير بالمال شرط لبقاء وجوبها على العبد لأن الله تعالى لما أسقط المالية إلى الصوم بعدم المال عند الوجوب علم أن الشرط لوجوبه ليس أصل المكنة فأصلها مما يثبت بعده في العمر على ما مر، ولكن الشرط قدرة ميسرة حال الوجوب حتى سقطت بالعدم إلى الصوم ليبرأ عنها بصوم الممكن ولا تبقى تحت عهدة الوجوب إلى أن يقدر في الثاني، ولما صار الشرط قدرة ميسرة اعتبرت دائمة ما بقيت أداء، والكفارة غير مؤقتة فلا تصير فائتة بالتأخير، بخلاف موت صاحب المال فإن الموت مانع من الوجوب، ولا تسقط إذا طرأ لأنا نشترط حياته للوجوب لا للقدرة تحريم الأمر الميسر للأداء، فأداء المالي بماله لا بحياته؛ ألا ترى كيف يجوز الأداء بعد موته إذا أوصى به، ولكن لا وجوب إلا في الذمة، ولا ذمة إلا مع الحياة.
وبخلاف صدقة الفطر فإنها لا تجب بدون مال محرم للصدقة وبدونه يبقى واجباً إذا هلك المال بعد التمكن من الأداء لأنا نشترط قيام الغنى بالمال للوجوب لا للأداء، ولأن الصدقة لا يستقيم إيجابها شرعاً إلا على غنى، كما لا يستقيم إيجابها إلا على مؤمن لأنها ما شرعت إلا لإغناء الفقير وكفاية المحتاج بدليل أنها لا تتأدى إلا بمال يصرف إلى الفقير