وأجناسها ومراحها ومسرحها لأن لها حواساً كالآدميين، وإنما يفارق الآدمي غيره في ما لا يعرف دليلاً إلا بدلالات العقول.
ثم الدليل قد يفهم، وقد يحفظ.
والحفظ مما تشارك البهيمة الآدمي فيها فإنها حفظت الأدلة الحسية من ضروب الأشباه والأعلام وهو كالصبي الصغير يحظ القرآن ولا يفهمه.
والعجمي يحفظ القرآن ولا يفهمه.
الحفظ طبيعي للقلب والفهم عقلي.
وضد الحفظ النسيان وما هو بضد للفهم، يقال: فهم وعقل بمعنى واحد لا يكون إلا بدلالة العقل فاستعير لفظة عقل لفظة فهم.
وقد يكون العلم بحفظ الأدلة التي هي تصورها حجة كالنصوص عن صاحب الشرع، ولا يكون الفقه إلا بالفهم وبالله التوفيق.
فلهذا لا يلتذ الإنسان بعلمه حتى يفقه، لأن العلم يقع بسماع النصوص الموجبة للعلم انقياداً للشرع، واستسلاماً لما عرف من عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكذب فكان انقياداً، بخلاف طبعة كرهاً إسلاماً لأمر الله تعالى، فإذا فهم المعنى وصار العلم فقهاً كان علماً على موافقة طبيعة العاقل، فإن المعقول للعقلاء طبيعي عقولهم كالمحسوس للبهائم فيصير لذيذاً لا يصبر عنه ساعة، ولا تقابله لذة يشار إليها من أنواع اللذات إلا لذة العمل بالعلم من أنواع العبادات لأنه لا تخلو عبادة عن منزلة قرب وكرامة، وإلى ذلك يتناهى ما يتحقق لذة في الدنيا، ولهذا قال النبي عليه:"وجعلت قرة عيني في الصلاة"، وبالله التوفيق.