المسافر بين الصوم والفطر، قال: لأن وجوب الأربع متعلق بالوقت إلا أن الشرع رخص لنا في القصر دفعًا لمشقة السفر كما في الصوم.
بخلاف المسح على الخفين فإن الغسل للصلاة مقصور على محل الحدث من العضو والخف منع الحلول.
قال: وغير مستنكر ثبوت الخيار للعبد بين الركعتين والأربع كالذي حلف بصوم سنة فحنث، فإنه مخير بين صوم ثلاثة أيام، وبين صوم سنة إذا كان معسرًا في قول الأكثرين.
وكذا أبو البنتين خير موسى صلى الله عليه وسلم بين الثمانية والعشرة في مدة الإجارة وهذا لما فيه من فائدة التيسير على المخير، إلا أنا نقول: هذه الرخصة من قبيل رخصة زيادة مدة المسح بالسفر، ثم تلك الزيادة ثبتت شاء العبد أو أبى فإنه إن لم يقبل لم ينتقض مسحه بمضي يوم وليلة فكذلك هذا.
وإنما قلنا أن هذه من قبيل تلك، لأن أصل الفرض هنا أربعة، وبهذه الرخصة أسقط عنه ركعتان بلا بدل يلزمه، ولا إثم يلحقه كما أن الفرض في باب المسح حال الإقامة أن ينزع خفيه ويغسل قدميه بمضي يوم وليلة وبالسفر سقط عنه هذا النزع، وهذا الغسل أصلًا بلا إثم يلحقه ولا بدل يلزمه، وتبين أنهما من جملة الإسقاطات المحضة بحكم سقوط الوجوب نحو إسقاط الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا فكانت رخصة مجازًا، وهو إسقاط حقيقة الواجب لما لم يبق له حكم بوجه فلا يبقى الأصل عزيمة بعد سقوط الواجب أصلًا.
ولأن الرخصة للترفيه على ما بينا ومعنى الترفيه فيما نحن فيه متعين في القصر كما تعين معنى الترفيه في زيادة المدة في باب المسح متى قوبل بحال الإقامة.
ولما أثبت الله تعالى هذا الحكم رخصة وقد تعين معناه في الثبوت كما أثبت لم يبق للعبد خيار التعيين بخلاف رخصة الإفطار، لأن الله تعالى أسقط عنه صوم الشهر بعدة من أيام أخر فعلم أنه ليس بإسقاط محض، وأن أصل الواجب لم يسقط ولكن تأخر فبقي العمل بأصل الواجب عزيمة وبالثاني رخصة.
ولأن الرخصة في رمضان لما كان بتأخير العمل لم يتعين معنى الرفاهية في التأخير بل تردد لأن الصوم في الشهر مع الناس أيسر في العادات، ولكن في السفر أشق والتأخير في السفر أوسع ولكن الصوم بعده وحده أشق فثبت أن في الترخيص ضرب رفاهية فخير تحقيقًا لمعنى الرخصة، وفيما نحن فيه ضرب من الرفاهية واحد فتعين ثبوت الرخصة فيما فيه الرفاهية بلا خيار.
فإن قيل: إن الله تعالى رخص في أن تصدق علينا بشرط الصلاة وقد ثبت ما أوجبه الله تعالى بلا تخيير لأحد وإنما الخيار في القبول.