احتياطًا، وكذلك نقول في مسألتنا هذه، وهذا كما نقول في الصائم إذا شك في الفجر ترك السحور احتياطًا فإن لم يترك فصومه تام ولا يأثم.
فإن قيل: الوقت مذكور في التكفير بصوم شهرين.
قلنا: إنه ذكر لبيان قدر الكفارة كما مر أن الصوم لا يقدر إلا بالأيام، وما ذكر شرطًا للأداء فبقيت مطلقة عن الوقت في حق الأداء.
ومن حكمه: أن الواجب لا يفوت بالتأخير عن أول أحوال الإمكان لأن الحال لم يكن شرطًا لأدائه بل الشرط يوم من العمر، وقد بقي فكان بمنزلة وقت الحج لا يفوت ما لم يمت كما في تحرير رقبة لا يفوت بموت رقبة عينها لأن الرقاب كثيرة، والواجب عليه نكرة من الجملة والواجب في المطلق عمل في عمره وعمره ثابت للحال، وإنما يفوت بالموت وفيه شك فلا يثبت بالشك فتبقى العبرة لبقاء العمر.
وهذا كما قيل: إن المفقود لا يورث لأن ملكه ثابت له فلا ينقطع بالشك ولا يرث لأن ملك غيره لم يكن له فلا يثبت له بالشك.
وكذلك صوم شهرين للكفارة لأن ذكر الشهرين لتقدير العمل على ما مر، لا لبيان الوقت حتى قيل في الماليات نحو الزكاة إذا مات وأوصى وصحت شرعًا لم تصر فائتة لأن الأداء يصح بنائب عنه بأمر صح منه شرعًا فلم يفت بالموت على ما مر.
ومن حكمه: أن الواجب لا يصير فائتًا بالتأخير كالصلاة إذا أخرت عن أول الوقت إلا أنا أبحنا له التأخير بناء على ظاهر الحال، وهو البقاء فإذا مات تبدل ذلك الظاهر فصارت العبرة لما آلى إليه فضمن الفائت والله أعلم.