المشروعات حقًا لله تعالى في منازل أربعة:
الفريضة، والواجب، والسنة، والنافلة.
أما الفريضة: فعبارة عن المقدّرة، قال الله تعالى: {فنصف ما فرضتم} أي سميتم وقدرتم وأوجبتم، فكانت الفريضة ما أوجبها الله تعالى علينا وقدرها وكتبها علينا في اللوح المحفوظ، ولهذا سميت مكتوبة وإنما جعلها مقدرة لتكون متناهية فلا يصعب علينا الأمر فيدل الاسم على نهاية الوجوب من الأصل فلا يسمى بها إلا ما ثبت وجوبه بطريق لا شبهة فيه، نحو أصل الدين وفروعه من الصلاة والزكاة والصوم والحج فهن المكتوبات المثبتات بالكتاب والسنة المتواترة والإجماع وما سواها اتباع لها أو شروط.
وأما الواجب: فعبارة عن اللازم لغة، ويقال الساقط، من قوله تعالى: {فإذا وجبت جنوبها} أي سقطت، فكأن اللازم سمي به لسقوطه على الإنسان حتى لزمه، والمراد به في باب الشرع ما ثبت لزومه بخبر الواحد الذي يوجب العمل دون العلم فيكون كالمكتوبة في حق لزوم العمل به، والنافلة في حق الاعتقاد، حتى لا يجب تكفير جاحده ولا تضليله، فكأنه سمي به لأنه يسقط على العبد عمله، ولم يثبت كتابة الله تعالى علينا إياه وهو نحو العمرة وصدقة الفطر والأضحية وشبهها.
فأما ما يلتزم بالنذر فهو غير محدود ولا مقدر كالنوافل، ويدل عليه أنه قد ثبت من أصلنا أن الزيادة على النص نسخ والمكتوبات معلومة بكتاب الله تعالى معدودة فالزيادة عليها تكون بمنزلة نسخها فلم يجز إثباتها بخبر الواحد، فلذلك لم نجعل رتبتها في الوجوب رتبة الفريضة حتى لا تصير زيادة عليها.
وقد قال علماؤنا رحمهم الله: إن قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة وليست بفريضة كأصل القراءة، لأن أصل القراءة ثبت بالكتاب والفاتحة بخبر الواحد، وكذلك تعديل أركان الصلاة، وكذلك الوقوف بمزدلفة في الحج، وكذلك الطهارة للطواف.
وأما السنة: فعبارة عن طريقة معتادة، والسنن الطريق البين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" وكلمة "من" تعم الناس فثبت أن السنة من