والنفل لا يلزمه بحال، فلما صرف الوقت إلى صوم النفل صار تاركًا لرخصة الفطر عن صوم الشهر من كل وجه فالتحق بالمقيم، وأما التي ليست بمؤقتة فالكفارات وقضاء رمضان والزكاة.
فإن قيل: الصوم لا يتأدى إلا بالوقت فكان مؤقتًا!
قلنا: من حيث إنه صوم ما شرع الوقت إلا في النهار فلم يجز ليلًا لعدمه شرعًا لا لعدم وقت التكفير، كما إذا حرر رقبة عمياء لم يجز لأن عتقه لا يصلح كفارة لا لعدم وقت التكفير.
ومن حكمها: أن الواجب يجب متوسعًا نص عليه محمد- رحمه الله- في غير موضع كما نص على الحقوق التي ليست بمؤقتة، وذلك نحو الزكاة والنذور والكفارات المالية.
وذكر الكرخي رحمه الله: أن هذه المسائل كلها على الخلاف.
فعلى قول أبي يوسف رحمه الله؛ تجب متضيفة لأنه ربما يموت عقيب الإمكان بلا فعل، فيكون هذا آخر الوقت فلا يحل له التأخير إلى وقت تشككه في الخروج عنه، لأن اللزوم ثابت يقينًا، وكان هذا بمنزلة وقت الحج الذي مر ذكره.
والصحيح عندنا ما قاله محمد بن الحسن رحمه الله، لأن الوقت غير مذكور شرطًا فيصير العبد مأمورًا بالأداء في عمره فلا يتعين عليه جزء منه إلا بدلالة.
والجواب عما قاله الكرخي رحمه الله: أن الأيام كثيرة وقد أمر بصوم يوم من الجملة فكان خيار التعيين إلى العبد على ما مر، والوقت مذكور لتقدير الواجب لا لبيان وقت الأداء فيصير على هذا من جملة الواجبات المطلقة عن الوقت، وهو الذي يجوز في كل وقت، فالعبد مأمور بالأداء في عمره فلا يتعين جزء منه إلا بدلالة.
والجواب عما قاله الكرخي رحمه الله: أن الفوت في هذه المسائل بالموت لا غير، والحياة ثابتة للحال وقد وقع الشك في المستقبل من الوقت فلا يزال الثابت بالشك فيبقى على حكم الحياة بلا إشكال على قدر ما يجوز العمل به، ألا ترى أن المفقود في حكم الأحياء فيما كان ثابت له فيعمل بذلك لأنا علمنا بحياته وشككنا بموته فيبقى الحكم على الحياة ما لم يبلغ مدة لا يعيش إليها أقرانه فيترجح بالعادة جهة الممات.
وكذلك الصلاة له أن يؤخرها ما لم يغلب في رأيه أن الوقت يفوت إن أخره فيحرم إذا ترجح جهة الفوات في رأيه، ولا يحرم بالشك ولكن إذا شككت فصل للحال