الأداء لحسنه، وإثباته لعينه يحقق الوجوب عليه والوجوب من قبله.
وفي النهي متى أثبت القبح لعينه انعدم المنهي مشروعاً في نفسه، والنهي للانعدام بانتهاء العبد فلم نثبته لعينه ليبقى مشروعاً، وأثبتناه وصفاً له ما أمكن لتكون حرمة الفعل لازمة أبداً لمعنى راجع إلى المنهي عنه لأن الوصف منه، وإذا كان الفعل مما لا يتصور حساً كشرب الخمر والزنا انصرف إلى قبح غي عينه، لأنه مع قبح عينه مما يتصور وجوده منا فيتعلق العدم بامتناعنا عنه، فلما تصور الانعدام بامتناعنا عنه أثبتنا القبح لعينه كما أثبتنا بالأمر الحسن لعينه لما تصور الوجود بفعلنا معه هذا هو الحقيقة من المر والنهي إلا بدليل.
وكذلك تحريم البيع والأفعال الشرعية دليل على بقائها مشروعة، لأن الحرمة صفة لما سماه الشرع فينبغي أن يكون المسمى متصوراً ليمكن إثبات الوصف له فإنه لا يثبت بدون الموصوف كتحريم العين باسمه دليل على ثبوت المسمى ليثبت الوصف له.
وإذا وجب إثبات المسمى وجب إثباته على حقيقته حتى يقوم الدليل على مجازه.
غير أن اسم العين لا يبطل بأن يحرم أصل الفعل فيه، ويصير غير مشروع فيه فيثبت ومتى حرمنا أصل الفعل في الشرعيات وجعلناها غير مشروعة بطل حقيقة الاسم للمسمى كتحريم الربى، فالربا: اسم لضرب بيع، وأنه ما لم ينسخ لم يحرم أصل المعاقدة، ولم يخرج من أن يكون مشروعاً ومتى انتسخ بقي الاسم له مجازاً فثبت أن الحقيقة في الجمع بين صفة حرمة وبين المسمى إلا أن لا يمكن.
وفي باب ملك اليمين إثبات صفة الحرمة مع بقاء الملك مشروعاً كالعصير يتخمر فأمكن ذلك فيما شرع سبباً لملك اليمين.
ولأن المشروع ثابت مشروعاً بشرع الله تعالى وتقديره كالمخلوق حادث بخلق الله تعالى وتقديره، فلم يجز أن يوصف بأنه حرام شرعاً أو قبيح شرعاً.
فالقبيح شرعاً ما كانت الحكمة في إعدامه، وهذه مما كانت الحكمة في إيجادها، وإنما أضيفت الحرمة الشرعية إليها على معنى أنها أسباب لحرمة أفعالنا فيها بخروجها من أن تكون محال لها شرعاً بالأسباب التي ذكرت.
والعين باسمه يبقى على الحقيقة مع خروجه عن محلية الفعل المشروع الذي نهينا عنه فجمع بين الأمرين.
وأما المشروع من العقد والعبادة فلا يبقى على الحقيقة متى لم يبق بحيث يوجد بالمباشرة لأنه اسم لما يوجد بالمباشرة لا لموجود للحال، ولا أيضاً يصير سبباً لحرمة الإيجاد متى لم تتعلق الحرمة بوصف قائم به فإنه متى كان لمعنى في غيره مجاور كان السبب ذلك المعنى لا هذا المسمى وحاصل الأمر أن النسخ رفع للمشروع ثم ينعدم أداؤنا