النكاح أو الوطء الحلال فلم يكن الحرام المحض سبباً لها.
وكذلك الملك لا يثبت بالغصب وإن ضمن الغاصب لأن الملك نعمة علقت بأسباب مشروعة فلم يكن الحرام المحض سبباً للملك، والزنا حرام محض، وكذلك الغصب، وكذلك رخص السفر لا تثبت للعبد الآبق لأن الرخصة نعمة علقت بالسير المديد لغرض مباح او مندوب إليه فلا يثبت بالإباق عن المولى فإنه حرام محض.
وكذلك قال: الدهن النجس لا يجوز بيعه لأن النجاسة بعد إخراج الفأرة منه صفة لازمة للدهن فصارت بمنزلة نجاسة ودك الميتة.
واحتج محمد بن الحسن لتصور صوم يوم النحر مشروعاً بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم النحر وقال: "إنها أيام أكل وشرب" ويقال إنما نهانا عن فعل يتكون أو لا يتكون؟.
فغن النهي عما لا يتكون لغو، فإنه لا يقال للأعمى لا تبصر ولا للآدمي لا تطر.
فلما نهى عن الصوم، والمراد به صوم شرعي فنفس الإمساك للحمية او المرض غير حرام علم به أنه متصور منا شرعاً، ولأن الصوم اسم شرعي لعبادة خاصة كالحج فمطلقه ينصرف إلى حقيقته بتسمية الشرع دون اللغة لأن مطلق الاسم لحقيقته المتعارفة إلا بدليل، ولهذا لما قلنا: أن النهي طلب إعدام المنهي عنه من قبل العبد بامتناعه عن فعله، وإنما ينعدم بامتناعه إذا كان بحيث يتصور منه موجوداً بفعله بخلاف النسخ لأنه تبديل لما كان فكان تصرفاً من الله تعالى في المشروع بتبديل، وهذا تصرف في منع العبد عن الأداء، وكذلك الأمر تصرف في إيجاب الفعل فلا يرتفع بالنهي أصل الحكم، ولكن يرتفع ما لزمنا من الأداء بالأمر فيحرم فعله.
وإذا ثبت هذا علم أن المنهي عن فعله من المشروع مما لا ينعدم بالنهي فبقي مشروعاً لكن حرم الفعل الذي هو سبب لوجوده مؤدى.
ولأنا ذكرنا ان الأمر لبيان أن المأمور به مما ينبغي أن يوجد من المأمور، والنهي لبيان أن المنهي عنه مما ينبغي أن يعدم من قبله فيرتفع بالنهي عن المأمور به قدر هذا الوصف، ودل وجوب الانعدام بتركه على بقائه مشروعاً بحيث يوجد لو فعله.
ولما بقي مشروعاً بحيث يوجد بفعله لو فعله فلم يقبح الفعل في نفسه لأنه لم يصر عبثاً لما تصور، ووجب إثبات القبح في غيره ليمكن تحريم الفعل بذلك الغير، لكن نثبته على وجه يكون ألزم فنجعله قبيحاً عند الإطلاق لوصف زائد متصل به ما أمكن كما نثبت الحسن في الأمر صفة للمأمور به على وجه يكون ألزم وهو الإثبات لعينه فإنه يوجب