ولا يلزمنا قولنا: أن الظهار حرام وأنه سبب مشروع لإيجاب الكفارة، لأن الكفارة تجب جزاء على ارتكاب حرام في الأصل زجراً كالحدود فلا تكون أسبابها مشروعة، ولا حسنة، فأسبابها في الحقيقة المعاصي التي هي غير مشروعة.
ولا يلزمنا قولنا: إن طلاق الحائض مشروع وقد نهينا عنه لأن الطلاق مشروع بسبب ملك النكاح، والحيض صفة المرأة غير موجب خللاً في ملك النكاح، والنهي جاء لأجلها فكان لمعنى في غير المنهي عنه غير متصل به إلا على سبيل الوجود معه فكان من القسم الرابع.
ولا يلزم استيلاد الرجل امة بينه وبين شريكه فإنه سبب مشروع للنسب وتملك نصيب الشريك وأنه حرام، لأن سبب النسب وطؤه ملك نفسه والحرمة لملك الشريك وانه مجاور لملكه لا أن يكون وصفاً له، وإنما تملك نصيب الآخر لصحة النسب ولا حرمة فيه، وإنما الحرمة في وطئه نصيب الشريك.
ولا يلزم الإحرام مجامعاً لأهله فإنه مشروع وفاسد وحرام ومنهي عنه، لأن الفساد او النهي جاء لمعنى الجماع، وأنه غير الإحرام فلا يصير وصفاً له ولا لما لا يتعلق به صحة الإحرام.
والحج من وقت أو مكان أو فعل، وإنما يوجد معه على سبيل المجاورة فلا يرفع أصل صحة الإحرام وكان من القسم الرابع ألا ترى ان القضاء لازم والشروع في الفساد لا يوجب القضاء بحال، وإنما الجماع منه محظور فيه غير مشروع مفسد للحج كالكلام للصلاة والحدث للطهارة، غير أن الحج لا يحتمل النقض بالأسباب الناقضة من الجماع، بخلاف الصلاة والصيام فلا يخرج من الحج لعجزه، وإذا لم يخرج منه وقد تحقق المفسر من قبله لزمه المضي ضرورة ليخرج عنه بالداء لما شرع، ويلزمه القضاء بإفساد الأول وباب الضرورة مستثنى عن أصل القياس ولذلك أبقينا طوافه مشروعاً مع فساده.
وكلامنا أن النهي لرفع المشروع في وضعه لا أنه لا يجوز الامتناع عن عمله بمانع بل جائز ذلك بدليله كما يجوز مثله في العلل كلها.
ولأن الكلام وقع في تحريم الله تعالى ونهيه عما كان شرع، لا في تصرف جاء من العبد ومفسد تحقق من قبله فما إلى العبد تغيير المشروعات في أنفسها، ولكنه إذا لم يؤدها بشرائط صحتها بقي تحت الوجوب، وإذا ارتكب ما يفسدها أفسد بقدر ما تحتمله العبادة شرعاً.
والحج شرعاً يحتمل الفساد من حيث يجب القضاء ولا يحتمل الارتفاع أصلاً فلم يقدر عليه لعجزه، وإذا كان الرافع من الله تعالى عمل لأنه لا يوصف بالحجة عليه.
ولهذا قلنا: الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة لأنها نعمة علقت بسبب مشروع لها وهو