الكذب بعجزهم عن إظهار الحجة فالإلهام حجة باطنة لا يمكن إظهارها.
وقال تعالى: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه} وبجهنم بدعوى إليه غير الله لا برهان لهم به، ولو كانت شهادة قلوبهم لهم حجة لما لحقهم التوبيخ فثبت أن الحجة التي يصح العمل بها ما يمكن إظهاره من النص والآيات التي عرفت حججا بالنظر التي يمكن إظهارها وكانت الحكمة من قيد لا برهان به وإن كان الشرك باطلا أصلا ليشتغل السامع بالبرهان نفيا للتوبيخ عن نفسه فيدله البرهان الصحيح على بطلان الشرك وحقية أن الله تعالى خالق لا شريك له.
وقال الله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} فالله تعالى جعل تبين أن الله تعالى حق غاية لرؤيتهم الآيات فثبت أن العلم بالله تعالى لا يكون بدون الآيات، والآيات لا تدلنا إلا بعد الاستدلال بها عن نظر عقلي.
فإن قيل فيه: إن الله تعالى هو الذي يرينا الآيات بلا صنع منا فيلهم العبد حدوث العلم، وأن له محدثا هو الله تعالى.
قلنا: لو كانت المعرفة صحيحة على ما ابتلينا بها بدون صنع منا لأوقعها الله تعالى بلا واسطة الآيات.
والآيات مما تدلنا على الله تعالى من طريق النظر والاستدلال كالبناء على الباني، والحدث على المحدث وإنما تأويل الإضافة إلى الله تعالى على معنى أن الله تعالى هو خالق الآيات للنظر والاستدلال، وهو الموفق لعبده، والملقي في قلبه سمة التفكر في الآيات ومرينا أفول الشمس بلا صنع منا لنستدل بانعزالها على أنها ليست برب.
وكذلك فسر الله تعالى في قصة إبراهيم: {فلما أفل قال لا أحب الآفلين} إلى أن قال: {إني برئ مما تشركون} ثم قال الله تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} ثم دلت هذه الآية أن لا حجة فوق هذه، فلو كانت لما حرم إبراهيم عليه السلام وهو خليل الله.
ثم قال: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين} فأخبر أن الإراءة ما كان من إراءته إياه انعزالها عن سلطانها بالأفول حتى تيقن به على أنه مخلوق وأن الله تعالى من خلقها، وأخبر أن الإيقان بالله تعالى متعلق بالوقوف على الآيات الدالة على حدوث العالم ليتبرأ منه أولا ثم يوقن بالله تعالى كما قال إبراهيم عليه السلام: {إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا}.
وقال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله} وكانت كلمة التوحيد لا إله إلا الله فالله تعالى يرينا بفضله الحجج الدالة على حدوث العالم حججا