أخذ فإنه لم يوجد، ولكن ضمان الجناية على الصيد من حيث إزالة الأمن عن الصيد بسبب هو تعد لأن الصيد آمن في حقه عن أيدي الناس بالإحرام، وفي نفس الحدوث في يده زوال الأمن الواجب له بالإحرام، فمتى كانت يده متعدية صارت سببا لضمان تعد هو إزالة أمن لا ضمان تعد هو أخذ كالمودع يضمن بترك الحفظ، وكان ذلك تعديا منه بحكم عقده.
وهذا كما يوجب الضمان على الدال والدلالة سبب محض للقتل والأخذ، ولا يوجب الضمان به بل بمباشرة الجناية من حيث إزالة الأمن كما يضمن المودع بدلالة السارق على الوديعة لأنه مباشرة جناية من حيث ترك الحفظ وزيادة لا من حيث الغصب والأخذ.
وكذلك شهود القصاص إذا رجعوا بعدما قتل المشهود عليه بشهادتهم لا يضمنون الكفارة، ولا يحرمون الإرث ويضمنون الدية كالحافز سواء لأن المباشرة منهم في أداء الشهادة، وقد انقطعت بالفراغ عن الأداء ثم حكم الحاكم وما وجب به مضاف إليهم لأنهم ألزموا الحاكم ذلك، إلا أن التلف الواقع بالحكم تلف حكمي والكفارة جزاء إتلاف حقيقة، وذلك بمباشرة الولي، وهو فيه مختار غير ملجأ حكما فيقتصر فعله عليه، ولا ينتقل إلى الشهود فلا يلزمهم ضمان القتل حقيقة.
وكذلك الرجل يكون له امرأتان صغيرة وكبيرة، فترضع الكبيرة والصغيرة حتى بانتا، فإن الزوج يغرم للصغيرة نصف الصداق ويرجع بما غرم على الكبيرة إن تعمدت الفساد، ولا يرجع إن لم تتعمد الفساد لأن المرضعة مسببة للفرقة.
وليست بصاحبة علة كالحافر سواء، لأن فعلها في التمكين من الارتضاع لا غير، والفرقة تتعلق بوصول اللبن إلى الجوف، وذلك إنما يحصل بارتضاع الصغيرة وهي مختارة في ذلك كالطير في طيرانه والماشي في مشيه، غير أن مصة الصغيرة إنما تكون ارتضاعا ببقاء أثر فعل الكبيرة وهو بقاء الثدي في فمها بإلقاء كان منها ابتداء.
فإن كان الإلقاء تعديا كان البقاء تعديا.
وإن لم يكن تعديا فكذلك البقاء كالحفر سواء.
وإذا لم يكن تعديا لم يكن وجوب نصف المهر على الزوج بتعد كان منها فلا يكون سبب ضمان لأن الوجوب لا يكون فوق التلف، والتلف إذا لم يكن بتعد من الحافر لم يضمن فكذل الوجوب ههنا.
وعندنا يجب الضمان بإيجاب المهر لا بإتلاف ملك النكاح فإنه غير متقوم عندنا، ولو شهد الشهود بالفرقة بعد الدخول وقضى القاضي ثم رجعوا لم يضمنوا شيئا، ومتى كان البقاء تعديا وارتضاع الصغيرة مباح لها كمشي الماشي على الطريق أضيف الإيجاب إلى ما هو التعدي فوجب الضمان على ما مر.