ولا يلزمنا قولنا: إن المحرم إذا دل على صيد فقتل ضمن لأن الدلالة سبب محض في حق جناية الأخذ ولا ضمان عليه من حيث أخذ الصيد، ولكنه يضمن من حيث إزالة أمنه عن الاصطياد وقد لزمه بالإحرام أن لا يزيل أمنه فتكون الإزالة جناية عليه كما يكون ترك الحفظ من المودع جناية على الوديعة يضمن به، أو يضمن من حيث جنى على إحرامه، فإن إزالة الأمن عن الصيد محظور إحرامه كالحلق ولبس المخيط والدلالة مباشرة ما يزيل الأمن عنه، لأن أمنه بسبب تواريه عن العيون فأما بعد العلم فلا ينجيه إلا الفرار على خوف، ولهذا قلنا: إن حافز البئر إذا تلف فيها إنسان لم يضمن الكفارة ولا يحرم الإرث، لأنهما يجبان جزأين بإزاء فعل القتل مباشرة والمباشرة من الحافز في حفره وقد انقضى قبل الاتصال بالساقط.
وإنما اتصل به عمق حادث بفعله فصار مشيه سقوطا للعمق الحادث به إلا أنه شرط لسقوطه لا علة فسقوطه بسبب ثقله الذي لا يحمله الهواء، والأرض كان تحمله ولما صار العمق الحادث بفعله شرطا للتلف والكفارة جزاء علة التلف لم يضمن صاحب الشرط لعدم العلة والكفارة جزاؤها.
وهذا كما قالوا فيمن قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر فدخل ونوى عن الكفارة: لم يجز لأن التكفير تعلق جوازه بمباشرة الإعتاق وهو بالدخول أوجد شرط العتق فلم يكن مباشرا فلا تتأدى به الكفارة.
فأما ضمان التلف ليس بجزاء علة التلف لينعدم بعدمها بل عوض التالف بتلف مضاف إليه.
والحكم يضاف إلى الشرط وجودا وإن لم يضف إليه وجوبا.
وإذا أضيف إليه ضمن إلا أنه إذا اجتمع علة التلف مع شرط التلف وصلح كل واحد منهما أن يجعل سبب ضمان كانت الإضافة إلى العلة أولى، وههنا العلة ثقله أو مشيه وذلك مما لا يصلح سبب ضمان لأنه ليس يتعدى من حيث الإضافة إلى صاحب الشرط.
وكذلك زوائد الغصب المنفصلة والمتصلة أمانة عندنا، لأن الضمان الغصب ضمان فعل خاص، وهو أخذ مال مملوك ولا يتصور الأخذ على هذا الحد إلا بإزالة يد بيد عن شيء واحد وهذا الحد وجد في الأم ولم يوجد في الزوائد لأنها حدثت في يد الغاصب ابتداء بسبب بقاء الأصل في يده، وذلك ليس بغصب بل حكم الغصب فلا يجب ضمان الغصب به، وإن سلمنا أن البقاء تعدى حكما وهو آثم على الإدامة لأنه تعدى غير الغصب كالإصرار على الزنا ولما كان تعديا آخر لم يجب به ضمان الغصب فإن ادعى ضمانا آخر غير ضمان الغصب تكلما فيه.
وقلنا: إن المحرم إذا أخذ ظبية فولدت في يده حدث الولد مضمونا عليه لا ضمان