بعد ذلك لمعرفة حادثة اختلف فيها أنها في العموم أو الخصوص.
وأما الحكم: فنحو اختلافنا في الركعة الواحدة أمشروعة صلاة أم لا؟.
والأربع مشروعة على المسافر أم لا؟ والسمح بالخف مشروع أم لا؟.
وكذلك بالعمامة؟ وصوم بعض اليوم مشروع أم لا؟.
والقراء تسقط بالاقتداء أم لا؟.
والصوم يسقط بالجنون أم لا؟.
وإنما يتكلم في مثل هذه المسائل بالنص وبدليله على ما ذكرنا.
فإن قيل: اختلافنا في صوم يوم النحر أمشروع أم لا؟ وتكلمتم فيه بالقياس!
قلنا: لا كذلك، فإن كون اليوم سببًا لصيرورة الصوم مشروعًا ثابت أصلًا، ووقع الاختلاف في انتساخه بصفة أنه يوم عيد فأنكرناه، لا أنا أثبتنا كون اليوم سببًا بالقياس.
وأما وصف الحكم: فنحو اتفاقنا على أن القراءة مشروعة في الشفع الثاني واختلفنا أنها فرض أم لا؟ وأنها فرض في الأول واختلفنا أنها فاتحة أم لا؟ واتفقنا أن من حكم النكاح أن يملك الرجل طلاق امرأته واختلفنا في وصفه أنه يملكه مباحًا، والكراهة بعارض أو يملكه مكروهًا، والإباحة بعارض وهو مذهبنا على ما بيناه في موضعه.
وكذلك يملك الطلاق مبينًا قصدًا إليه عندنا، وعنده لا يملك، لا يعرف بالقياس فإنا لا نجده بعينه أصلًا آخر لنعديه إلى الفرع.
وكذلك إذا اختلفنا في ملك النكاح في حق المتعة أهو خاص للرجل على المرأة أو مشترك بين الزوجين؟ لا يعرف بالقياس لأنه غير موجود في أصل آخر لنعديه إليه بل يعرف بالاستدلال بما ثبت بالنصوص.
وكذلك إذا اختلفنا في حكم خبر الربا وهو قوله: "والفضل ربا" إنه فضل ذات الحنطة أو فضل كيل؟ لم يجز إثباته بالعلة لما قلنا، ولا جاز الاشتغال بعلة الحكم قبل إثبات الحكم على الخصم إذا أنكره.
وكذلك إذا اختلفنا في حكم الرهن الثابت للمرتهن إذا تم العقد بالتسليم إليه أنه في حكم يد الاستيفاء الذي يتم بالتسليم إليه، أم هو حق بيع بالدين إذا تم العقد باليد كما يتم عقد الهبة باليد.
وحكمه وقوع الملك للموهوب له لم يجز إثباته بالقياس لأنا لا نجد حكم الرهن في عقد آخر لتعديه إليه بالقياس.
وكذلك النفي لأن الانتفاء من حيث لم يكن لا يكن حكمًا شرعيًا يمكن تعديته إلى غيره بالقياس على ما ذكرنا.