فأما ثبوت الولاية للمرأة على نفسها فمما يعرف قياسًا، لأنا وجدنا الثبوت حكمًا ثابتًا مع البلوغ والحرية في أصل مجمع عليه فيصح القياس لتعديته إلى المرأة.
وكذلك إذا اختلفنا في الزكاة أن التسمية شرط أم لا؟ لم يجز التكلم فيه بالقياس، وكذلك إذا قلنا شرط نفوذ الطلاق على المرأة من جانبها النكاح أو العدة عنه.
وقال خصمنا: العدة ليست بشرط النفوذ وبها وحدها لا تصير محلًا، وكذلك إذا اختلفنا في البلوغ عن عقل أهو شرط لوجوب حقوق الله تعالى التي تحتمل النسخ والتبديل كالزكاة والصلاة والكفارات ولزوم الإحرام، وكذلك وجوب العقوبات كحرمان الإرث بالقتل والحدود؟ لم يكن للقياس فيه مدخلًا، وكذلك إذا اختلفنا في البلوغ بعد العقل أهو شرط لصحة أداء ما لا يحتمل النسخ من أصل الدين أم لا؟
فإن قيل: أليس اختلفنا في بيع الطعام بالطعام إن القبض في المجلس شرط أم لا، وتكلمتم فيها بالقياس؟
قلنا: البقاء على الصحة بلا شرط قبض حكم ثبت في أصل منصوص عليه من البيوع، وهو بيع العبد بدراهم وكل ما عدا الطعام بالطعام من السلع، فيصح التعدية بالتعليل إلى الفرع المختلف فيه ما لم يمنعنا عنه نص بخلافه، فيجب على مدعي الفساد بمعارضة النص إقامته.
ومتى أمكن المعلل في ما مضى من الأمثلة أن يبين لقياسه مثل هذا المحل صح، فإنا ما أنكرنا الصحة إلا لتعليله لنفي ما لم يشرع أو إثباته.
ومن أنكر شرط الشهود في النكاح لا يجد جوازه بدونه إلا في نكاح أهل الذمة.
لأن أحكام شرعنا لا تلزمهم إلا ما يدينون بها أو استثني عليهم، فلم يستقم القياس عليهم، والمسلمون يلزمهم أحكام الشرع.
وكذلك من أنكر التسمية في الزكاة لم يجد حل الزكاة بدونها إلا إذا تركه ناسيًا.
على هذا الأصل القياس صحيح بصورته لكنا لم نقبل، لأنا أحللنا زكاة التارك ناسيًا بناء على أنه في حكم المسمى بدلالة النص، كما نجوز صوم الآكل ناسيًا، بناء على أنه في حكم من لم يأكل، بخلاف القياس بدلالة النص.
ثم لا يجوز القياس عليه إذا ترك عمدًا، لأنه معدول به عن القياس، وبمثل هذا يظهر الفقه في بيان طرق القياس.
وأما صفة الشرط: فكشهود النكاح أنهم رجال، أو نساء ورجال، وصفة الطهارة للصلاة أمرتبة أم غير مرتبة؟ ما يصح إثباتها من الشروط. أو نفيها بالقياس، وإنما يصح تعريفها بالنظر في النصوص الموجبة للشرط، وإلى ما خص منها بزيادة وتكون المقايسة