وكذلك إذا اختلفنا في وجوب المهر بالنكاح بلا تسمية؟ لم يكن للقياس فيه مدخل لأنا لا نجده في غيره لنعديه إليه.
وكذلك إذا اختلفنا في وجوب المتعة بعد الطلاق بعد الدخول؟ لأنا اختلفنا فيه لاختلافنا في المتعة بأصله على وحشة الفراق، أم عوض عن ملك النكاح؟ واجب بالعقد مقام المهر الساقط بالطلاق، لا يمكن إثباته بالقياس.
وهذا لأن أحكام الشرع بصفاتها لا تثبت ابتداء إلا بالشرع فلا يمكن معرفتها مشروعة بصفاتها إلا بالنظر في المنصوص، حسب المعاني التي تثبت بالأسامي الغريبة لا يمكن معرفتها إلا بالنظر في كلام العرب والتعرف من قبلهم.
وأما القسم الرابع: فنحو قولنا: إن المسح في الوضوء لا يسن تثليثه لأنه مسح قياسًا على مسح الخف لأنل وجدنا مسحًا في الوضوء، وله فرض وسنة ووجدنا حكم إقامة سنته بإفراده لا بتثليثه فعديناه إلى الفرع.
وكذلك قولهم: الرأس عضو من أعضاء الوضوء فيسن تثليث وظيفته قياسًا على الوجه، فكان في محليهما فيجب طلب الفساد بطريق آخر.
وكذلك قولنا: صوم رمضان صوم عين، فيتأدى بنية مطلق الصوم كالنفل في غير رمضان، وقولهم: إنه صوم فرض فيشترط عليه نية الفرض قياسًا على القضاء.
وكذلك قولنا: المديون لا زكاة عليه لأن الصدقة تحل له فلا تجب عليه الزكاة كالمكاتب، والذي له دار يسكنها تساوي كثيرًا، وقوله: إن ملكه كامل فيلزمه الزكاة كغير المديون.
فإن قيل: إنا نقول في النكاح أنه عقد معاملة فيصح بلا شهود كالبيع، كان هذا فاسدًا بطريق آخر لأنا نقول: من حيث أنه عقد معاملة لا يفسد عندنا بعدم الشهود، وإنما فسد من حيث أنه عقد لم يشرع إلا للتناسل فخص بالشهود.
فالشهود ثبت عندنا شرعًا لهذا الوصف الخاص إظهارًا لكرامة بني آدم، ولا نجد جوازًا مع هذا الوصف بدون الشهود لتعدي ذلك الجواز إلى ما ها هنا بالمعلل في أمثالها.
أما أن ينقطع بوضعه العلة في غير محلها أو يميل إلى محلها بأن وجده فتقوم المناظرة ببيان الصحة والفساد بطريق آخر، والله أعلم.