وما لم يشرع لا يكون حكمًا شرعيًا ليمكن إثباتها بالقياس.
وإذا ادعى الارتفاع بعد الثبوت فكذلك لأن النسخ لا يثبت بالقياس، فإذا عرفت هذه الجملة عقدًا خرجت على كل قسم ما يخرج عليه مما غلط غير المتأملين فيه.
أما القسم الموجب: فنحو اختلافنا في الجنس بانفراده أهو علة محرمة للبيع نسيئة أو لا؟ وهذا مما لا يجوز فيه التكلم بالقياس، بل يجب على مدعيها إقامة الدلالة على صحة ما ادعاه من نص أو دلالة نص أو إشارته أو اقتضائه، على ما مر أن الثابت بها ثابت بالنص لا بالقياس، وعلى المنكر الامتناع عنه لعدم دليل الصحة.
كما نقول فيمن ادعى أن الوتر فرض عملًا زائدًا على الخمس، وأنكره آخر لم يكن على المنكر إلا التمسك بعدم قيام الدليل، ولزم المدعي إقامة الدليل سوى القياس وكان بمنزلة من يدعي أن فرض الفجر أربع ركعات وأنكر الآخر.
وكذلك إذا اختلفنا أن السفر أهو سبب مسقط لشطر الصلاة بنفسه أو لا؟ لم يستقم التكلم فيها بالقياس بل الذي يدعيه مسقطًا لزمه إثباته وإنما يظهر الفقه في مثل هذه المسائل بإفساد أدلة الخصم، لأنه لا يمكنه إفسادها إلا بفقه طرق الأدلة حتى علم بها أن هذه الأدلة جائزة وليست بعادلة، وكذلك إذا اختلفت في الخف هل هو سبب مانع من سريان الحدث إلى القدم؟ لم يصح الكلام فيه بالمقايسة نفيًا ولا إثباتًا.
وكذلك إذا اختلف في الحربي يسلم، أهو سبب موجب لجعل نفسه وماله مضمونين قبل الإحراز بالدار أم لا؟ لم يعرف بالقياس.
وكذلك إذا اختلفنا في أن العقل قبل الشرع أهو حجة قاطعة لعذر الكفار أم لا؟. وخبر الواحد أهو حجة يجب العمل به أم لا؟
والقياس أهو حجة يجب العمل به في الأحكام الشرعية أم لا؟
وأما صفته فنحو اختلافنا في المال الذي هو سبب الزكاة، أهو سبب بصفة النماء أم دونها؟
واليمين بالله سبب للكفارة بصفة أنها مقصودة أم معقودة؟
وقتل النفس بغير حق سبب للكفارة بصفة الحرمة وحدها أم بصفة الإباحة مع الحرمة؟
والإفطار سبب لكفارة باسم الجماع، أم باسم اقتضاء إحدى الشهوتين؟
وهذا لأن وصف الشيء منه، فما لم يكن أصله مما يثبت بالقياس لم يكن وصفه كذلك من قبيل ما يثبت به.
وأما أصل الشرط فنحو الاختلاف في شهود النكاح لا يثبت بالقياس أنهم شرط أم لا؟ وكذلك الولي.