وبيان ذلك أنا أجمعنا أن كفارة اليمين لا تجب بغير اليمين، واختلفنا في الغموس أيمين حقيقة أو يمين تسمية مجازًا كبيع الحر وطلاق الأجنبية فقلنا نحن أنها ليست بيمين حقيقة بل هي يمين تسمية مجازًا فكانت غير اليمين حقيقة كبيع الحر وطلاق الأجنبية، فلا تجب كفارة اليمين بما ليس بيمين، ولم يجز إثبات اسم اليمين وهو اسم لغوي بالقياس الشرعي بل يجب تعرفه من طريق لسان العرب، فيقال أن اليمين عقد على الخبر لتحقيق الصدق منه وضعًا وشرعًا، فلا يكون محله إلا الخبر المحتمل للصدق ليستحضر باليمين صدقه.

فأما الكذب الذي لا يحتمله فلا يكون محلًا كالبيع لما شرع لتمليك المال لم يكن الحر محلًا.

وكالطلاق لما كان قطع ملك النكاح إما عاجلًا وإما آجلًا لم تكن المرأة التي لا نكاح لها ولا عدة نكاح محلًا.

وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه أبطل قياس اللواطة على الزنا في إيجاب الحد لأن حد الزنا لا يجب إلا بالزنا فالتعليل يقع لإثبات الاسم، وأنه اسم لغوي وكذلك لا يجوز تحريم المثل الشديد بالقياس على الخمر من طريق إثبات اسم الخمر له بالقياس بعلة أنه مسكر لأن اسم الخمر اسم لغوي.

فإن قال قائل: أنا نثبت الاسم بمعناه لغة لا شريعة، فالزنا اسم لجماع يقصد به سفح الماء دون الولد، وقد وجد في اللواطة، والخمر اسم لما يخامر العقل.

قلنا: إن الأسامي في الأصل إعلام على المسميات سواء كانت اسمًا للأعيان، أو للأفعال فلم يجز إثباتها بمعناها القائم في المسميات، وقد وضع الاسم لتعريف المسمى بعينه لا بمعناه كاسم الجبل والعظم والخنفسات، وما لا يعقل لها معنى وليس إيجابنا كفارة الفطر بالجماع على الأكل إيجابًا بالقياس لأن تلك الكفارة ليست بكفارة جماع بل هي كفارة إفطار الأكل والشرب والجماع من حيث إيجاب الفطر باب واحد لما ذكرنا أن الصوم إنما يتأدى بالكف عن اقتضاء الشهوتين.

والفطر بالاقتضاء يقع من حيث إعدام الكف، فكان الباب واحدًا من حيث الآلات.

وإنما تختلف أسماء ما يقع به الفطر كالقتل باب واحد بأي آلة قتل المقتول إذا استوت الآلات في إيجاب ما يكون قتلًا.

وقلنا: إن إيجاب الكفارة بجماع الميتة والبهيمة إيجاب بالقياس لأنه من حيث اقتضاء الشهوة باب واحد لن المحل غير مشتهى طبعًا، وكان بمنزلة الاستمناء بالكف أو في شقاق الفخذ.

وإنما يسمى جماعًا مجازًا بالصورة كيمين الغموس فيكون الإيجاب به من غير إثبات الاسم ساقطًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015