بذلك السبب، ولم نجد في المخطئ لأن الخطأ جاء من قبل الصائم بأن قصد المضمضة فسبق الماء حلقه أو من جهة المكره وما يكون مسقطًا من قبل صاحب الحق لا يدل على أنه يكون مسقطًا من قبل غيره.
ألا ترى أنه يسقط أصلًا بالمرض ولا يسقط أصلًا بمنع المكره عن أصل الصوم أو أصل الصلاة فصار حد ما لا يعقل سببه بالقياس أن يثبت شرعًا بخلاف ما يوجبه العقل في نفسه، والقياس على سائر أصول الشرع فإنه متى ثبت على قياس ما ثبت شرعًا صار معقولًا بالرأي الذي أوجبه الشرع.
والقياس الشرعي بمثله يكون ومن هذا القبيل قياس من ذبح وترك التسمية عمدًا على من ترك التسمية ناسيًا لأن التسمية شرط الحل.
وإنما أحللنا ذبيح من ترك ناسيًا بالحديث على أنا جعلناه مسميًا حكمًا بخلاف القياس كمسألة الكل في الصوم ناسيًا سواء.
ومن الناس من ظن أن المستحسنات من هذا السبيل، وليس كذلك فمن المستحسنات ما هو قياس محض لكنه خفي على ما بيناه في آخر الكتاب.
ومن الناس من ظن أن الأصل الواحد إذا عارضه أصول بخلافه كان الواحد بحكمه معدولًا به عن القياس، وليس كذلك، لما ذكرنا أن حد المعدول عن القياس أن يجيء بخلاف ما يوجبه العقل والقياس الشرعي والعقل لا يوجب أن يكون للفرع أصول حتى يعلل بعد ذلك، ولا القياس الشرعي يوجب ذلك.
وهذا لأن الأصل بمنزلة راوي الحديث على ما يأتيه بيانه، والوصف الذي يجعله علة بمنزلة الحديث ورواية الحديث تصح من راوٍ واحد إلا أن الأصول إذا كثرت ربما أوجبت ترجيحًا عند المقابلة كالخبر يكثر رواته في مقابلة حديث يشد روايته فثبت أن المعدول به عن القياس إنما يعرف بالحد الذي بيناه.
ومن جملة ذلك حديث الأعرابي الذي واقع امرأته في نهار رمضان فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يكفر به فذكر حاجته إليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كله وأطعمه عيالك" لأن التكفير إنما يكون بما يقع عليه من بدني أو مالي لا بما يقع له والله أعلم.
وأما فصل تعدي الحكم، ففصل عظيم الفقه، عزيز الوجود ومثاله فيما قال الشافعي: إن كفارة اليمين تجب بالغموس قياسًا على المعقودة لأنها يمين بالله تعالى مقصودة لأن التعليل لم يقع لتعديه حكم المعقودة إليها، وهو الكفارة المشروعة بل لتعدية اسم اليمين الثابت لغة.