ويكون التعليل والقياس الشرعي لإثبات الاسم ساقطًا بل يجب معرفته بمعنى اللغة في أن اقتضاء الشهوة لا يتصور إلا بمحل مشتهى لذلك الباب، وكذلك لم يوجب القطع على النباش لأنه حد والنص ورد باسم السرقة وعدم الاسم فيه بمعناه لأن السرقة اسم للأخذ مسارقًا عين صاحبه، وإنه لا يتصور في الكفن لأن صاحبه الميت.
وسقط القياس الشرعي لإثبات الاسم ولا قطع بالإجماع بدون اسم السرقة، وهذا لأن الأسماء ضربان: حقيقة ومجاز.
وسبب الحقيقة وضع الواضع وإنه لا يعرف إلا بالسماع.
وسبب المجاز استعارة العرب الاسم لاسم بطريق ثبت لسانًا لهم فلا يعرف طريق استعمالهم اللغة بالشريعة والنظر في أصولها بل يعرف بالنظر في كلام العرب واستعمالهم.
ومن هذه الجملة الكلام في أن ألفاظ الطلاق هل تصلح كناية عن العتاق أم لا ولفظ التمليك هل يصلح كناية عن النكاح أم لا، وإذا قال أنت طالق ونوى ثلاثًا يصح أم لا؟ وإذا اختلف الشاهدان بالمال بالمائة والمائتين أتقبل على المائة أم لا؟
لم يجز إثبات شيء منها بالقياس الشرعي لأن احتمال طالق الثلاث وعدم احتماله، وصلاح اللفظ كناية عن آخر ليس بحكم شرعي بل هو لغة، فلا تعرف معاني اللغة إلا بالنظر فيها دون القياس الشرعي، فهذا كله من جنس ما لا يعقل بالقياس الشرعي وقد تكلموا في هذه المسائل بأقيسة شرعية وما تكلموا إلا لقلة النظر فيما هم فيه.
فإن قيل: والفقهاء قد تكلموا في باب الحدود والإيمان بالقياس!
قلنا: ما تكلموا بالقياس لإيجاب حد به ولا لإثبات اسم، وإنما تكلموا لبيان الشبه المسقط للحد مع تحقق أسبابها فإنها مما يسقط بالشبهات وسقوط الحد ليس بحد فصحت المقايسة لتعدية السقوط من محل إلى محل آخر لاجتماعهما في الشبهة.
ومن هذه الجملة تعليلهم الرقبة الواجبة في القتل إنها تحرير في تكفير فكان الإيمان شرطًا فيها ثم التعدية إلى كفارة اليمين والظهار.
لأنهم بهذا التعليل يتعرضون للكفارة الواجبة باليمين والظهار نصًا في أنه تحرير رقبة مطلقة، أو موصوفة بالإيمان، وزيادة الوصف بمنزلة زيادة القدر ولما كان تعرضًا للحكم الثابت نصًا امتنع.
ألا ترى أنه لم يجز لجعل الإطعام إطعام ستين مسكينًا، ولا الصوم ستين يومًا.
ولما ذكرنا أن من شرط صحته أن نعدي حكم النص من غير تعرض للحكم الثابت نصًا بوجه.
وكذلك قولهم حد الزنا لا يوجب رد الشهادة بعد التوبة لأنه حد في كبيرة وأثبتوا