وهذا ليتحقق الإسلام لأمر الله تعالى بما لا يعقل، ويتم شرح الصدور بتعليل ما يعقل.
وأما قولهم إن حجج الله موجبة قطعًا؟ فكذلك في إظهار الحق عند الله تعالى فأما حق يلزمنا العمل به فلا كذلك على ما مر، ألا يرى أنا نجعل خبر الواحد حجة ولم يظهر الحق يقينًا إلا على الوجه الذي بلغنا عنه فإنه صار حجة علينا برواية الراوي، وأنها لا توجب إلا غالب الرأي ولا فرق بين الخبر والعلة فإن الخبر أصله حق موجب للعلم بلا تعارض وبلغتنا الأخبار بالرواية متعارضة غير موجبة للعلم قطعًا.
وكذلك الوصف الذي هو علة هو واحد عند الله تعالى موجب للعلم قطعًا، ويبلغنا بآرائنا متعارضة.
فالتعليل منا كالرواية.
والوصف كالخبر.
وكما احتملت الرواية الغلط ولم يجب العمل بها قطعًا احتمل تعليل المعلل الغلط فلا فرق بين الأمرين.
وإنما جعلنا ما ليس بيقين حجة في حقنا كما جعل في مصالح الدنيا ليكون التكليف بقدر الوسع أو بما لا يخرج فيه من لزومنا إصابة ما عند الله في كل الأمور أليس قد جوز التمسك بالأصل الثابت حال عدم الأدلة عندنا، وإن احتمل قيام الليل على زواله إلا أنه لم يبلغنا بعد فثبت أن ترك القول بالقياس خروج على العقل والشرع وعلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
ثم من نفاة القياس من طعن على الصحابة، وأنه منكر من القول وزور، فغن الله تعالى أثنى عليهم، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "خير الناس رهطي الذين أنا فيهم" والآيات كثيرة في إبانة فضل الصحابة وسبقهم بحيث لا خفاء لها، ولأنا متى اتهمناهم لن تثبت شريعة لأنها لم تبلغنا إلا من قبلهم.
ومنهم من أول فزعم أنهم كانوا مخصوصين بأن جعلت آراؤهم حجة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصًا بكرامة أن جعل قوله حجة؟.
قالوا: والدليل عليه أنا لا نجيز من أحد بعدهم استعمال الرأي بخلاف النص وهم كانوا يستعملونه وكانت آراؤهم حجة بخلاف النص كرامة لهم على الخصوص فإن السنة كانت للمسبوق بشيء من صلاته أن يصلي ما فاته ثم يتابع الإمام فيما بقي حتى دخل معاذ المسجد وقد سبق بشيء من الصلاة فتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى القضاء فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: يا رسول الله كرهت أن أصادفك على شيء فأخالفك فيه،