بمبدأ الشرب حتى يقضي به شهوة البطن، فكذلك هذا لا يضر ما لم يقض به شهوة الفرج.
وقال للمرأة التي سألته عن الحج عن أبيها: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أما كان يجزيك؟ " فقالت: بلي، قال: "فدين الله أحق" يعني لما سقط دين العبد الذي يحتمل النيابة في القضاء بأمر من عليه، فكذلك بغير أمره احتمل فدين الله أولى بأن يجوز بغير أمر من عليه، كما يجوز بأمره لأن الواجبين قد استويا من حيث احتمال النيابة مع الأمر.
وإنما اختلف المستحق والقبول من غير من عليه ضرب من المساهلة والله تعالى أولى بالمساهلة.
وعلل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، فقال للمستحاضة: "إنه دم عرق انفجر توضئي لكل صلاة"، فعلل لإيجاب الوضوء بسيلان دم العرق لأنه متى سال أوجب حكمه من النجاسة حتى يجب غسله عن محله فاستقام إحالة وجوب الطهارة إلى ما ظهر أثره في التنجيس.
وقال: "الهرة ليست بنجسة لأنها من الطوافين والطوافات عليكم" فأسقط نجاستها بصفة مؤثرة في السقوط وهو ضرورة الطواف علينا وتعذر الاحتراز عنها فللضرورات تأثير في الإباحات.
ووجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كما بين لنا الأحكام المشروعة، بين لنا أن العمل بالرأي مشروع كما هو بالنص فإنه قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بما تقضي؟ " قال: بكتاب الله تعالى، فقال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد فيه رأي، فقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضى به رسوله".
ووجه آخر أن الصحابة أجمعوا على صحة القياس، وإجماعهم حجة كآية من كتاب الله تعالى على ما مر والدليل على ذلك أنهم اختلفوا في مسألة الجد اختلافًا ظاهرًا، ولم يحتج أحد بالنص وإنما مثلوا أمثلة بالرأي بالوادي يتشعب منه أنهار والشجر يتفرع منها فروع، واختلفوا في مسألة العول بالرأي؟
وكان عمر رضي الله عنه يكتب إلى العمال: عليكم بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بالأمثال والأشباه. وقال لشريح: اقض بكتاب الله، ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم برأيك.
وسئل ابن مسعود رضي الله عنه عمن تزوج امرأة ولم يسم لها مهرًا ثم مات عنها