بالقياس أحيينا الحجج حتى عمت بالتعليل فأمكن العمل بها في غير ما تناوله النص لغة كما أحيا هو.
ونحن معه حقائق النصوص بالوقوف على طريق المجاز والاستعارات فأمكننا العمل بها في غير ما وضعها واضع اللغة في الأصل ولم يكن ذلك اقتراحًا على اللسان ولا وضعًا من عند نفسه وكذلك هذا.
بل نفاة القياس لما حجروا عنه ألزموا العمل بلا دليل فيما عدا النصوص ولا دليل حكمه الجهل.
والعمل بالجهل هو طريق البدعة وعمل بالهوى على ما نذكره في بابه وأنه حرام في أصله إلا عند الضرورة كالميتة حرام إلا عند الضرورة، والضرورات لا تقع على ما بنى الله الأمر عليه إلا نادرًا.
وأكثر المسائل الشرعية مما صنفها الناس مما لا نص فيها.
ولا يجعل مما يعمل فيها بالضرورة بل دلت على غير حال الضرورة وأن العمل حرام بأحكامها إلا بحجة شرعية وما هو إلا بالقياس الذي قلناه، إلا أنه غير موجب للعلم كخبر الواحد والآية المؤولة لأنا عرفنا حد صحته بغالب الرأي، وإن كان أصله سماعًا فكذا هذا وأنه مما أنزله الله تعالى في كتابه ودخل تحت قوله: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} لا أنه حجة صير إليه لضرورة عدم الأدلة وهذا ليكون العمل بالدليل والعلم أبدًا إلا في أحوال نادرة فيكون من جملة ما يباح بالضرورة.
وثبت أن القرآن تبيان لكل شيء وكاف بنصه، ودليل نصه ومقتضاه وإشارته والاعتبار به قياسًا ثم باستصحاب الحال حال عدم الأدلة كلها وهي: حال ضرورة وجوب العمل مع عدم الأدلة.
وثبت أن الذم عن الرأي راجع إلى نصب العلة باقتراح الرأي أو العمل به في المنصوصات بخلاف النص.
وهذا كما ذم من فسر القرآن برأيه، ويجوز تفسيره بالرأي تخريجًا على أصول اللغة والشرع، وإنما يحرم على سبيل الاقتراح من عند نفسه ثم سقوطه بخبر الواحد لا يدل على أنه ليس بحجة كالآية المؤولة تسقط بالمحكم والخبر يسقط بالآية.
ووجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كما علمنا الأحكام علمنا القياس فقال لعمر وقد سأله عمر عن القبلة وهو صائم: "أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان يضرك؟ " فقال: لا، قال: "ففيما إذً" أي أن القبلة مبدأ الجماع كالمضمضة مبدأ الشرب ثم الفطر لم يتعلق