ولا بد من أدنى تفاوت وصف بين الحنطتين لم يجب معرفة مماثلة المال بالمال بين العوضين بمقابلة الذات بالذات لأن قدر المالية ليس معه ليعرف به.
وإنما يصير قدر المالية مع قدر الذات إذا لم يبق للوصف بانفراده قيمة لأنه لا يتوهم بعد اتفاق الجنس تفاوت قدر المالية بغير قدر الذات إلا بتفاوت الوصف.
وإنما أثبتنا هذا الشرط وهو سقوط قيمة مالية الوصف بانفراده في مسألتنا بالنص، وتعرف حكم النص لا بالرأي.
أما النص فقوله صلى الله عليه وسلم: "جيدها ورديئها سواء" ولا يتساويان حتى يصير قيام الجودة عدمًا حكمًا.
وأما حكم النص فلأن الشرع حرم الاعتياض في بيع القفيز الجيد بالرديء على الجودة فإنه لو شرط زيادة بإزاء جودة حنطته لم يحل، وفضل وصف المال بأن يحل الاعتياض عليه مع الأصل كأصل المال ألا ترى أنه كيف يحل إذا اختلف الجنس وفي غير مال الربا ثم أصل المال من حيث أنه مال لا أثر له في تحريم الاعتياض ما دام متقومًا، وإنما يؤثر فيه إذا سقطت قيمته، إما شرعًا كالخمر وإما عرفًا كحبة حنطة أو قطرة ماء ونحوهما مما لا يتحول ويهان عادة.
فكذلك الوصف مع الأصل لا يحرم الاعتياض عليه إلا إذا لم يبق له قيمة فلما حرم الاعتياض حال المقابلة بجنسه.
وانفراد الوصف فصلًا في أحدهما علم أنه حرم لأن الشرع أسقط قيمته في هذه الحالة فيكون معلومًا هذا بتعرف أثر علمنا للمال في تحريم الاعتياض عليه بالنص والإجماع لا بالرأي.
ولا يلزم بيع المحرم صيدًا في يده فإنه لا يحل وهو مقتول لأنه حرم بحق أمن ثبت للصيد عن استيلاء الناس بطريق لم يكن ثابتًا حال كونه صيدًا غير محرز لما يحرم بيع الرهن بحق ثابت للمرتهن، وبيع المدبر بحق عتق ثابت للمدبر عندنا وما لفضل الوصف حق أمن عن الاستحقاق بيعًا أو الإتلاف تناولًا.
فثبت أن الحرمة محالة إلى سقوط القيمة في هذه الحالة شرعًا كالخمر وكما سقطت قيمة الجودة من الفلوس الرائجة باصطلاح الناس على تقدير ماليتها بأعيانها ما دامت رائجة.
فثبت أنا لا نخص وصفًا من بين الجملة بكونه علة إلا بأن عرف أثره في ذلك الحكم بعينه أو مثله ولا يعرف الأثر إلا بالنظر فيما سمعنا من النصوص أو عاينا من الأوضاع.