المماثلة، وأنه واجب شرعًا للحل والواجب شرعًا فوق الواجب شرطًا منا.
وهذا كما يرد المبيع بالعيب لأن الشرع أوجب له بشرط السلامة عن العيوب لئلا يغبن فوجب كذلك كما لو شرط بنفسه فاشترى عبدًا على أنه كاتب أو تركي فإذا هو ليس كذلك.
وهذه معان وأحكام أثبتناها بتعرف معاني اللغة فقول الرجل: بعتك هذا بهذين إثبات المقابلة بين الجميع لغة.
وإذا قال هذا بمثله على أن تسلم زيادة قصر للمقابلة على البعض دون البعض وإن حرم بغير مقابلة عرف بالنص والإجماع لا بالرأي وإن المماثلة مشروطة للجواز ثابتة نصًا لا بالرأي، فبقي بعد هذا أن شرط المماثلة لأي علة وجبت للجواز في الحنطة بالحنطة فقلنا: وجبت لأن الحنطة بالحنطة مثلان متساويان في المالية قطعًا ويقينًا بذاتيهما لأنهما متى تساويا مالية قطعًا ويقينًا بالذاتين لم تثبت المقابلة بينهما مالًا إلا بثبوت المقابلة ذاتًا لأن المالية معه وقيام المقابلة بين الذاتين يعرف عيانًا لا بالرأي، وهو أن يكون كل واحد بقدر الآخر كالمقابلة بين الحنطتين، وكل شيء له طول وعرض فمتى لم تثبت المقابلة في قدر الذات يثبت الزائد بلا مقابلة ذاتًا فيبقى بلا مقابلة مالًا لما كانت ماليته مع ذاته، فثبت أن الفضل بلا عوض يعرف عيانًا لا بالرأي بعد ثبوت المماثلة بين الذاتين في المالية قطعًا فنحتاج الآن إلى معرفة ثبوت المماثلة بين الحنطتين في المالية قطعًا.
فنقول: أما أصل المماثلة بين الحنطتين بصفة الكيل والجنس بالإجماع، والنص، واستعمال التجار، وذلك لأن التجار لا يعدونها أمثالًا بحباتها ولا حفناتها بل بمكاييلها، وكذلك الشرع فإنه علق الجواز بالمماثلة ولا يجوز بالمماثلة حبة بحبة، ولا حفنة بحفنة بل يجب كيلًا بكيل وكذلك في ضمان الإتلاف لا يجب حفنة بحفنة ويجب كيلًا بكيل، وعليه نص النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: "الحنطة بالحنطة مثلًا بمثل كيل بكيل" فصار الكيل والجنس علة المماثلة بالنص ووضع التجار والشرع.
وكذالك بالمعقول من معنى اللغة لأن المماثلة لغة: عبارة عن المساواة، ومثل الشيء: نظيره مساويًا له، والمالية تكون بالعين ومعناه.
والمعاني تختلف بالأجناس فباتفاق الجنس تساوى معنى المالية وبالكيل تساوى قدر الذات فإنه ما وضع عرفًا ولا شرعًا إلا لتعريف قدر الحنطة فثبت أنا لم نجعل الكيل والجنس علة لحكمها وهو تماثل الحنطة بالرأي ثم جعلنا ثبوت المماثلة علة لوجوب شرط أن يقابله مثله شرعًا كما لو شرطا شرطًا في حال سقوط عبرة مالية الصفة بأن لا تبقى لها قيمة لأنه ما دام يبقى للوصف قيمة.