ولأن بني إسرائيل أمروا بذبح بقرة فاستوصفوا فوصفت لهم بما لم تكن ثابتة بمطلق البقرة وكان بيانًا.
ولأن زيادة القيد على المطلق تجري مجرى التخصيص من العموم لأن الرقبة متى قيدت بالإيمان صارت الكافرة مخصوصة من بين الجملة.
ولعلمائنا رحمهم الله أن الذي ذكرتم صورة, وأن الزيادة نسخ معنى لأن الآية جعلت الجلد مئة حد الزنا, ومتى كان الجلد حدًا مع النفي لم يكن المذكور في الكتاب حدًا بنفسه لأن حقوق الله تعالى من عبادة أو عقوبة أو كفارة لا يتجزأ ثبوتها ولا أداؤها, ومتى عدم شيء منها لم يكن للباقي حكم الجواز بحال, كالركعة من الفجر, والركعتين من الظهر, إذا فصلت عما بقيت لم يكن ظهرًا ولا بعضها. وكذلك صوم نصف يوم, وكذلك من صيام شهرًا عن كفارة القتل ثم مرض, فأراد أن يتمه بالإطعام لم يجز, لأن المشروع كفارة صوم شهرين, فلا يكون لأحد الشهرين قبل الإتمام بما بقي حكم الأداء.
وكذلك قال علماؤنا: إن الشهادة في حد القذف تبطل بناء على إقامة الجلد, ولو جلد إلا سوطًا لم تبطل الشهادة, وكانت في أنها لا تتجزأ ثبوتًا بمنزلة العلل.
والعلة متى عدم بعض منها لم يكن للموجود منها حكم الوجود بحال. وإذا لم يكن الباقي دون الزيادة حدًا كان نسخًا.
وكذلك كفارة اليمين متى جعلت رقبة مؤمنة, لم تبق المطلقة عن هذا الوصف كفارة بوجه.
وكذلك ركن القراءة في الصلاة, متى كانت فاتحة الكتاب لم تبق قراءة القرآن مطلقًا على ما قال الله تعالى ركنًا.
وكذلك حكم كل علة لا يتجزأ ثبوته فثبوت بعضه دون بعضه لا يكون, إلا بعلة أخرى وإن كان حكمها بعض حكم تلك العلة.
وكذلك بقرة بني إسرائيل فقد ذكرنا فيما مضى أن الوصف لم يكن بيانًا بل كان نسخًا بزيادة.
وأما التخصيص عندنا فيكون بيانًا إذا جاء مقرونًا بالنص, وأما طارئًا فلا يكون بيانًا ولا تخصيصًا, على أن الزيادة ليست بتخصيص.
فإن حكم العموم إذا خص منه بقى الحكم فيما لا يخص بالنص العام بعينه لا بشيء آخر فلم يكن نسخًا, لما بقي من الحكم بقدر ما بقى على ما كان. ومتى زيدت لم يبق للنص الأول حكم.
فإن نص الزنا جعل الجلد حدًا ولا يبقى حدًا بنفسه بعد ثبوت النفي حدًا معه.
وآية الكفارة جعلت الرقبة بدون صفة الإيمان كفارة, ولا تبقى بعد قيد الإيمان