كفارة, لأن الكافرة تخرج من الجملة والمؤمنة تجوز, لا لأنها رقبة على ما قال الله تعالى, بل للوصف الزائد الذي ليس في الكتاب, وبدونه لا يكون ما يبقى كفارة ولا بعضها, فالزيادة نسخ معنى, وبيان الصورة. ولأن البيان اسم لما يحتمله اللفظ, ولما ينتظم عليه الاسم والرقبة لا تنتظم على الأوصاف.
والجلد مئة لا يحتمل النفي فلا يكون إثبات هذه الزيادة بيانًا بل رفعًا لذلك, الحكم عن القدر المذكور, وتعليقًا بالزائد كالتحرير المرسل إذا علق بالشرط تبدل الإرسال ويصير شيئًا آخر معنى, بل يسقط حكم العلة أصلًا إلى أن يوجد الوصف الآخر, فيصير جملته علة فكأن الخصم اعتبره بحقوق العباد, فإن الزيادة من جنسها لا توجب تغيير ما كان, لأنها تتجرأ ثبوتًا وأداء, فيصير بين الزيادة والأصل مجاورة, وبالجوار لا يصير الجار شيئًا آخر.
وأما في أحكام الشرع وأسبابها فيصير ما كان مع الزيادة شيئًا واحدًا, إما علة واحدة أو حكمًا واحدًا, وإذا كان يصير شيئًا واحدًا والاسم تعلق بما زيد ذهب ما دونها, ولهذا قال أبو حنيفة, وأبو يوسف: إن الطلاء إذا اشتد لم يحرق قليله, وإن حرم كثيره بصفة الإسكار, لأن القليل غير مسكر وماله حكم السكر بوجه, لأن السكر حكم والشراب بقدر معلوم علته, فلا يكون لبعضه حكم العلة.
قال علماؤنا: فيمن وجد ماء لا يكفيه لوضوئه لم يلزمه استعماله ويباح له التيمم, لأن الماء لما لم يجب استعمال لنفسه بل لحكم وهو إباحة الصلاة, والإباحة حكم علق بماء يكفي الأعضاء كلها, فلا يكون لبعضه حكم ذلك القدر بحال, وكان كالنجاسة إذا كثرت منعت الصلاة, فلا يكون لما دون المقدار حكم تلك النجاسة بوجه.
والأربع من النساء علة لتحريم النكاح عليهن, ولا يكون للواحدة من الأربع حظ في التحريم, وشطر البيع علة لإيجاب الملك, فلا يكون لأحد شطريه أثر في الإيجاب.
ولهذا أبى علماؤنا رحمهم الله تعالى إثبات الفاتحة ركنًا في الصلاة بخبر الواحد لأنه نسخ.
وزيادة النفي حدًا في الزنا بخبر الواحد.
وزيادة الطهارة شرطًا أصليًا في الطواف يخبر الواحد.
وزيادة صفة الإيمان على الرقبة للكفارة بخبر الواحد, أو القياس.
وقد قالوا: أن شاهدين لو شهد أحدهما لرجل ببيع عبد له بألف, والآخر بألف وخمسمائة بطلت الشهادة. وكانا غيرين, لأن الشراء جعل سببًا للوجوب بالثمن والمثمن فكان شرطين لصيرورته بيعًا, فيكون زيادة القدر في الثمن بمنزلة زيادة شرط والمعلق بشرطين غير المعلق بشرط والله أعلم.