وهذا يحكى انه فعله بين يدي الملك في خاصته والنقل عن مثلهم لا يكون حجة متواترًا, فقد روي أن الملك لما رأى شهامته بايعه على أن يظهر الإيمان به فيكون زرادشت اللعين معه برأيه وهو وراءه بسيفه فيملكوا وجه الأرض, فظهر عقيب ذلك مخاريق حكوها عن فعله في مجلس الملك أو كان عن تواطىء منهم على ما حكينا.
فإن قيل: كيف أنكرتم ذلك؟
قلنا: نحن أنكرنا الكتمان من قوم يتعذر تواطؤهم على الكذب والاتفاق عليه عادة لا على ملك بخاصته فإنهم رصد لحفظ الأسرار, وعليه بناء أمر الملك ومن حكمة خلق الله تعالى الخلق أطوارًا على همم شتى, وهي سبب الاختلاف أن يعلم باتفاقهم على نقل الشرائع تواترًا أنها ثابتة كما يكون بالعيان حتى لا تبطل الشريعة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل تبقى بعده على وجهها إذا صار المتواتر كالمسموع من النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبقى الناس وعقولهم سدى عن عون الشرع فما بالعقل كفاية لتمام الهداية.
فإن قيل: أرأيت القاضي لو بلغه خبر بالتواتر أو شهادة فساق كثيرين بملك في يد رجل أنه لغيره أيقضي به كما لو عاين أم لا؟
قلنا: يجوز أن يقضي به ويحتمله, ويجوز أن لا يقضي, كما لا يقضي بعلم ثبت له عيانًا قبل القضاء فمن شرطّ علمًا بالحادثة بعد القضاء جاز أن يشترط العلم بلفظة: أشهد, دون الخبر, وجاز أن يشترط العلم بخير عدول دون فساق واحتياطًا لأمر القضاء.
وأما المشهور: فحده ما كان وسطه وآخره على حد المتواتر وأوله على حد خبر الواحد.
وقد اختلف العلماء في حكمه؟
قال أبو بكر الرازي: هو أحد قسمي المتواتر, لأنا نجد في أنفسنا العلم بكل واحد منهما بلا اضطرار, إلا أن العلم بالأول يقع عن اضطرار لا مرد له في النفوس, وبالثاني