أن تعلم الله تعالى بأسمائه وصفاته، وحفظ اللغة غير العلم بالمعنى.
وكذلك من آمن برسالة محمد ثم لم يعرفه ولم يدر أي محمد هو فإنه لا يكون مؤمناً به ولا من أمته، وكالنصارى آمنوا بعيسى وهو ولد الله تعالى عندهم فلم يكن إيماناً بعيسى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبده، وهذا من أهم العلوم فقد استخف الناس به ولا ينبغي ذلك.
فإن كان الرجل ممن له معرفة بالوصف لكنه عاجز عن العبارة عنه إذا سئل كان مسلماً حقيقة فيما بينه وبين ربه، إلا أنا لا نعرف باطنه فنحكم بكفره إذا عجز واستحساناً أن نستوصفه على سبيل التلقين، فنقول له: أليس الله بقادر وعالم أيضاً، وأيضاً حتى يسهل عليه الجواب به إذا وافق استفهامي ما قلبه وعلمه.
فإذا تمت هذه الشروط كان مقبول الرواية وإن كان عبداً، لأن الرق لا يؤثر في شيء من هذه الأوصاف وإنما لم تقبل شهادته لأنها مبنية على الولاية على غيره، والرق يسلب الولاية على الغير وإنما بنيت الولاية على غيره لأن فيها تنفيذ حكم قوله عليه، كما ينفذ بيع ماله وإجارته نفسه.
وأما أخبار الدين فإنها تلزم السامع باعتقاده أن الله تعالى إله تجب طاعته ومحمد رسول الله تجب طاعته وتصديقه وهذا كما يلزم القاضي الاستماع إلى خبر المدعي الكافر إذا ادعى وإلى إنكاره وإلى شهادته على الكافر ويلزمه القضاء به لأنه لا يلزمه بشهادة الشاهد فإن في لفظه إلزام المشهود عليه دون القاضي، وإنما يلزمه بقبول أمانة القضاء من الله تعالى بالشروع فيه.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بقراءة" ما فيه إلزام السامع شيئاً لغة بل فيه إخبار عن صفة تقوم بها الصلاة كما تقول: لا خياطة إلا بإبرة، لم يكن هذا خطاباً يلزم السامع شيئا وإنما يلزمه ما يلزمه لاستعماله الخياطة باختياره فكذا السامع خبر الرسول صلى الله عليه وسلم يلزمه بعقد أن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق يدان الله به.
ولما لم يكن فيه إلزام من الراوي لم يشترط قيام ولايته على السامع، ألا ترى أنا نسمع أخبار الحدود من النساء وما لهن من ولاية إقامة الحدود ولا شهادتها، ألا ترى أن كثيراً من الصحابة الذين هم موالي نقلوا أخباراً وتلقتها الأمة بقبولها ولم يتفحصوا عن التاريخ والنقل أنه كان قبل العتق أو بعده.
ولو كانت الحرية شرطاً لما كانت حجة حتى يعلم أن النقل كان بعد العتق.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة العبد المملوك، وما كان يجيب إلا بخبره أن