ولأنه لا يثبت إلا بنقل متواتر يرفع شبهة التبديل بتهمة الجهل بالمعنى.
ولأن ناقل القرآن عن جهل لا يقدر عليه إلا بعد الجهد لحفظه سنين كثيرة، ولو ظهر مثله في الحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل.
ولهذا قلت الرواية من كبار الصحابة وكانوا يمتنعون عن كثرة الرواية.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "إذا سئلتم عن شيء فلا ترووا، ردوا الناس إلى كتاب الله تعالى".
وعن عمر رضي الله عنه: "لو حدثتم فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم".
وكان زيد بن أرقم إذا سئل عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع وقال: "كبرنا ونسينا، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد".
وعن عمرو بن ميمون: جالست عبد الله بن مسعود سنة فما سمعته يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذه البهر والعرق- ثم قال: هذا أو نحوه أو قريباً منه أو كما قال.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يكثر الرواية وكان يرد عليه به، قالت عائشة رضي الله عنها وأشارت إلى أبي هريرة رضي الله عنه: أما تعجب من هذا وكثرة روايته ما تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بكلمات لو عدها عاد لأحصاها. أو نحواً من ذلك. وكانوا يستدلون بكثرة الرواية على قلة المبالاة بموضع التوقف للحزم.
وهذا باب معتبر حتى قيل- فيمن يعتاد فعل مباحات بحرم المروءة وآداب النفس نحو الأكل في الأسواق وقضاء حاجته بينهم-: أنه لا تقبل شهادته لقلة مبالاته.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كنا نروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ركب الناس الصعب والذلول فتركنا الرواية". اللفظ كما هو، وقد تكلم أهل الأخبار في هذا الباب فأطالوا واقتصرنا نحن على الإشارة إلى ما فيه الضبط والدين والورع.
وأما الإسلام: فاسم لهذه الشريعة وإنه نوعان:
أ- ظاهر وهو بالميلاد في المسلمين والنشوء بينهم على طريقهم شهادة عبادة.
ب- وباطن لا يوقف عليه إلا باستيصاف الصانع عز ذكره، فإذا وصفه بجميع أسمائه وصفاته التي لا بد من وجودها للألوهية عن علم لا تلقن، كان مسلماً على الحقيقة، وإذا لم يعلم شيئاً منها كان كافراً.
قال محمد بن الحسن- رحمه الله- في المرأة إذا بلغت فاستوصفت فلم تصف أنها تبين من زوجها، وإن كنا حكمنا بصحة النكاح بناء على ظاهر الإسلام، وهذا لأن الشرط