المولى أذن له به ولم يظهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخبر المولى به ولو كان شرطا لنقل في الحديث ولم يجز الإعراض عنه.
وكذلك بريرة: كان يتصدق عليها وهي تهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقبل ويصدقها على ذلك.
وثبت أن رواية الأعمى مقبولة لأن العمى لا يوجب خللاً في العلم ولا في العبارة، بخلاف الشهادة لأنه يحتاج إلى تمييز المشهود له من المشهود عليه عند الأداء، والعمى يوجب خللاً فيه لأنه حال البصر يميز بالعيان والآن بالاستدلال، والراوي لا يحتاج إلى هذا التمييز.
ولأن باب الشهادة أضيق على ما مر في بيان شرط العدد ولفظ بعينه ليصير حجة، وهذا لأن الشاهد يلزم غيره ولا يلزم نفسه وراوي الخبر يلتزم كما يلزم غيره فجرى التزامه مجرى شاهد آخر معه.
ولأن كثيراً من الصحابة كف بصرهم وقبلت روايتهم بلا فحص عن التاريخ، منهم: عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع- رضي الله عنهم-.
وكذلك رواية النساء مقبولة لأنهن في الشهادات فوق العميان ثم قبلت رواية العميان فالنسوان أولى، ولأن النقصان قيهن في باب الشهادات بشرط زيادة العدد، وزيادة العدد لها عبرة في باب الشهادات، ولا عبرة لها في باب الروايات لأخبار الشرع، ألا ترى أن زيادة العدد شرط في شهادة الرجال وليس بشرط في روايتهم الأخبار.
ولأن شهادة القابلة حجة بانفرادها لضرب عذر، فباب الخبر أولى لأنه أوسع من كل شهادة.
ولأن الصحابة كانوا يسألون نساء النبي- صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن- فيما يختص بهن وكانوا يعملون بروايتهن وعائشة رضي الله عنها كانت من علماء الصحابة رأياً ورواية، والله أعلم.