وأما ما يعرف من نفس الكلام وهو أقوى البابين وأكثر فقهاً فنحو قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} فقد اختلف أهل العلم في تفسير معنى اللغو؟
قال علماؤنا- رحمهم الله-: لغو اليمين ما لا يفيد فائدتها المطلوبة منها شرعاً ووضعاً، وهو تحقيق الصدق من الخبر الذي عقد عليه اليمين وإنما تنعدم هذه الفائدة إذا كان الخبر غير محتمل للصدق.
وقال الشافعي: لغو اليمين ما جرى على اللسان من غير قصد.
وإجماع منا على جواز الإطلاق على كل واحد من المنعيين فنقول:
ما ذهبنا إليه أولى لأنا وجدنا للخارج من غير قصد اسماً موضوعاً له.
وهو الخطأ الذي هو ضد العمد.
والسهو الذي هو ضد التحفظ.
فمتى حملنا اللغو عليه كان تكراراً.
فأما الكلام الذي لا يفيد فائدته لانعدام شرط صحته لا لحال المتكلم فما له اسم سوى اللغو قال الله تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} أي الكلام الفاحش الذي هو خلو عن الفائدة المطلوبة منه في الحكمة، ليس الكلام الخارج من غير قصد فإن ذلك عفو لا عنت فيه وقال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} أي عارضوا بالتعنت، وما ليس بصحيح في الحكمة فلعلكم تغلبون بالمغالبة إن لم يكن بالمحاجة الصحيحة ولم يرد به: تكلموا من غير قصد، فإن الأمر به لا يستقيم.
وكذلك الرجل إذا تكلم بالخنا قيل له: ألغيت: {وإذا مروا باللغو مروا كراماً} أي صبروا عن الجواب، دل عليه أنه متى حمل على ما قالوا كان الفساد لمعنى في القلب؛ الذي هو سبب التكلم فيصير لغواً لفساد السبب، وعلى ما نقوله نحن يصير لغواً بنفسه لكونه غير مفيد وضعاً ولا شرعاً.
وكذلك العلماء اختلفوا في العقد؟
فقال بعضهم: هو القصد.
وعندنا: العقد هو ربط اللفظ باللفظ لإيجاب حكم نحو: ربط اليمين بالخبر المضاف إليه لإيجاب الصدق منه وتحقيقه، وربط البيع بالشراء لإيجاب الملك، وهذا أقرب إلى الحقيقة لن العقد حقيقته؛ من حيث عقد الحبل إذا شددت بعضه ببعض لأمر تريده لا يتم إلا به وضده الحل.