باب
قد ذكرنا فيما مضى أن الكلام ضربان: حقيقة ومجاز، فإن المجاز لا يصل إليه إلا بدلالة وربما يشكل على السامعين مجاز الكلام من حقيقته، وربما يشكل أيضاً المراد من النوعين ولا يمكن التبين إلا بروية فيقع فيه الاختلاف بين أهل الروية فيحتاج إلى معرفة طريق التبين عند الإشكال ليمكننا الوصول إلى المراد بالكلام.
وطريقته بالنظر في السبب الداعي إلى ذلك الاسم من تعريف الأسماء في باب الوضعيات التي لا معنى لها، أو تعريف المعنى في المعنويات فما كان أكثر إفادة كان أحق بالإرادة.
وظهور ذلك من أحد طريقين:
أ- إما بمحل الكلام.
ب- وإما بنفس الكلام في نوعي الكلام جميعاً: حقيقته ومجازه، فصير أربعاً.
أما من حيث المحل فنحو اللفظ العام فقد اختلف أهل العلم فيه.
فقال بعضهم: مطلقه ينصرف إلى الخصوص.
وقال بعضهم: إلى العموم.
وهذا أحق لأن بعض المحل الذي وضع الاسم علماً عليه يبقى غير مراد به إذا انصرف إلى الخصوص.
ولأنا لو جعلنا المراد به الخصوص، وقد وجدنا لذلك الخاص اسماً خاصاً، لصار لمسمى واحد اسمان لغرض واحد، فيكون تكراراً فتقل فائدة أصل الاسم لأنه لأجل الإعلام وضع.
والإعلام حاصل قبل الاسم المكرر وإنما يحصل بالتكرار التأكد وتوسعة البيان فيكون دون فائدة أصل الوضع فلا يجوز ترك إكمال الفائدة إلى البعض إلا بدلالة، فهما معنيان يدلان على ما قلناه مأخوذان من محل الكلام، وهو ما يدخل تحته مسمى به لا من نفس الكلام، فإنه متى حمل على الخصوص صار تناوله قدر ما تناوله تناولاً بحقيقته كما لو عم.