فلان، فمات فلان قبل الإذن بطلت اليمين لأن الإذن بمنزلة التوقيت، كأنه قال: حتى يأذن له فلان فيوجب اليمين حظراً مؤقتاً بإذنه فلا يبقى به حظر مطلق، ولو بقي الحظر بعد موته لبقي حظر مطلق.
فإن قيل: لو حلف لا يخرج من الدار إلا بإذني فأذن مرة لم تبطل اليمين، ولو قال: حتى آذن لك بطلت اليمين إذا أذن مرة ففرقوا بين الغاية والاستثناء.
قلنا: لأنهما لم يتناولا محلاً واحداً لأن قوله: "حتى" دخلت على الحظر الثابت باليمين فتوقف الحظر به "وإلا" دخلت على المصدر إي إلا خروجاً بإذنه فالخروج محظور بيمينه مطلقاً، فلما استثنى خروجاً بإذنه بقي ما عداه تحت اليمين، كذلك فصار الاستثناء نهاية للخروج المحظور، وحتى غاية للحظر الثابت باليمين لنفس الفعل لا للاسم والمصدر.
ومن هذا القبيل قول الشافعي إن الأمر بفعل رفع لضده، والنهي عن الفعل رفع للأمر به، وهذا عندنا حكم السكوت على ما مر ذكره في أبواب الأوامر والنواهي.
ومن ذلك قول بعض أهل النظر إن العام يخص بسببه وهذا عمل بالسكوت على الإطلاق، وإنه على أقسام أربعة:
نص نقل معه سببه، كما روي: زنى ماعز فرجم، وسهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد، وكقوله: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمىً فاكتبوه} الآية.
ومنها ما لا ينقل معه سببه وإنه على أوجه ثلاثة:
ما لا يستقل بنفسه حتى يربط بسببه كقوله تعالى: {ألست بربكم قالوا بلى} قوله: بلى لا يستقل بنفسه فلا بد ا، يربط بسببه.
- ومنها ما يستقل وهو على ضربين: ما خرج جواباً للسؤال وكان السؤال سبب خروجه ما فيه زيادة على حرف الجواب فيختص بالسبب كالرجل يقول لآخر: إنك لتغتسل هذه الليلة في هذه الدار عن جنابة، فقال: إن اغتسلت فعبدي حر. فإنه يختص بما تقدم حتى إذا اغتسل لا عن جنابة لم يحنث.
والوجه الآخر ما فيه زيادة يستغني عنها الجواب فلا يقتصر على السبب بل يعم وفيه الخلاف كما لو قيل له: إنك لتغتسل الليلة في هذه الدار عن جنابة فقال: إن اغتسلت الليلة فعبدي حر كان عاماً حتى يحنث عن أي سبب اغتسل.
وأما الأول فلأنه لما نقل معه السبب صار النص حكماً لذلك السبب، وحكم العلة مخصوص بها لا يبقى بدونها مضافاً إليها بحال ولا بد للبقاء دونها من علة أخرى.