جاءت أم الغلام بعد موت الأب وصدقته ورثته ودعوة الغلام نصاً إقرار بنكاح الأم اقتضاء، وثبت في حقق تصحيح النسب الذي لا بد له من الوالدة في حق الميراث، كما لو ثبتت أماً بالإقرار.
قلنا: قوله: هذا ولدي، إقرار بأنه ولده منها إشارة لا اقتضاء ولأن الولد اسم مشترك لا يتم إلا بوالد ووالدة كاسم الأخ لا يتم إلا بأخ آخر، فكذلك الولد لا يتم إلا بوالدين، ولو صار تسمية الولد تسمية للوالدين إشارة، صار الثابت بالإشارة كالثابت بالظاهر فثبت عاماً بخلاف المقتضى فهذه حدود متشابهة ما يميز بينها إلا الفهم المنصف وشيء منها لا يحتمل الخصوص.
أما المقتضى فلأنه لا عموم له.
وأما الدلالة فلأنها تعم بحسب عموم العلة، والعلة بعدما ثبتت علة لا تحتمل الخصوص لما ذكرنا أن الخصوص لبيان أن قدر المخصوص لم يدخل تحت النص فأما بعد الدخول فلا يكون تخصيصاً بل يكون تركاً.
وأما الإشارة فلأنها زيادة معنى على معنى النص، وإنما تثبت بإيجاب النص إياه لا محالة فلا يحتمل الخصوص وبيان أنه غير ثابت.
وقد لقب بعض الناس فقال: أن النص يعمل بمنظومه ومفهومه، وإنه لقب حسن غير أنهم لم يفرقوا بين أنواع ما فهم من النص بهذا الاسم مما قد مر، وبين ما لا يفهم منه.
ومنها ما قال بعضهم: أن التنصيص دليل على التخصيص، وعنى به قطع المشاركة بين المنصوص عليه وغيره من جنسه، قال: لأن الشرع لما نص على عين من الجملة دل على تخصيصه إياه بذلك الحكم لولاه لما كان للتخصيص بنصه فائدة.
وهذا تلبيس ظاهر لأنه إن عنى بالتخصيص أن ما لا يدخل تحته لا يشاركه في حكم النص بالنص فما أحد يخالفه، إلا أن نقول إنما لا يشاركه لأن سبب الوجوب لم يتناوله، والحكم إنما يثبت بحسب سببه لا أن الخالص نفاه، وإن قال لا يجوز أن يشاركه ما عداه في حكمه لمانع من حيث النص فغلط ظاهر لأن ما عداه لم يدخل تحته فكيف يتعدى إليه حكمه بنفيه، على أن النص كان لإيجاب حكم فكيف يوجب نفيا؟ وهو ليس بمعناه لغة بل هو ضده فكيف يقال هذا؟
وما من نص إلا ويجوز تعليله عند من يقول بالقياس وإذا علل يتعدى، ولو كان النص مانعا من التعدي لما كان بعرض التعليل ولأن من أبى القياس أباه لأنه رآه محتملا