مطلق، وذهاب الحج لا يحتمل معنى الطلاق فلم يصح فيه نية الطلاق، كما لو قال: اذهبي إلى بيت الله، والذي يدل على أن المقتضى من باب الاختصار، والعرب إنما تختصر على وجه يدل الباقي على ما سقط كما في قوله تعال: {وسئل القرية} فالسؤال للتبيين، فدل على أن المختصر هو الأهل الذي هو أهل للبيان.
وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ" الخبر وقوله: "إنما الأعمال بالنيات" دليل على أن المرفوع والواجب حكمان من حقوق الله تعالى دون الناس لأن الخطأ والنسيان والكره من صفات القلب، وكذلك النية، والقلب باطن لا يقف على عمله إلا الله تعالى، فحكم عمله لا يثبت إلا في حق الله تعالى، وذلك في معنى العبادة من العمل أو معنى المعصية فأما ما عداها فللعباد.
ولهذا قال علماؤنا أن بيع المكره يجوز، وكذلك كل تصرفاته معتبرة لأنه صفة القلب، ولكن لا يحل ولا يطيب. لأن الحل والطيب والحرمة حق الله تعالى.
وجملة حد المقتضى أن تنظر إلى النص نفسه، وإلى المعنى الذي هو شرط صحة الكلام فتثبته مقتضياً كما في قوله تعالى: {وسئل القرية} فإنه لو تم بنفسه لوجب أن تكون القرية ذات بيان فإذا لم يوجد فيها هذا الشرط أثبتنا من فيه ذلك، وقوله: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" لأن الفعل خطأ لو تم بنفسه لوجب أن يكون المرفوع حقاً لله تعالى لما ذكرنا، فإذا لم يتم وتصور العمل واقعاً معه أثبتنا ما فيه ذلك الوصف، وهو معنى المعصية من العمل ليكون ثبوت المقتضى من حيث يدل عليه اللفظ، فإن الإثبات بلا نص أو دلالته أو إشارته لا يكون إلا بالقياس والقياس حجة في تعدية حكم النص إلى غيره، دون إثبات النصوص وقد نص كتاب الله تعالى على هذا فإن من قتل خطأ لم يأثم ولم يعاقب عليه في الآخرة، ولزمه ضمان الدم والكفارة لأنها ليست بعقوبة محضة.
ومن حنث في يمينه خطأ أو ناسياً ليمينه لزمته الكفارة ولم يأثم.
ومن زنى بامرأة خطأ لزمه العقد ولا يلزمه الحد لأنه عقوبة خالصة لله تعالى، وهذا قريب من الضرب الأول فإنا أوجبنا بالضرب الأول حكما حيث لا نص فيه بدلالة النص، وها هنا أوجبنا زيادة موجب ليس في النص بدلالة النص إلا أن تلك في محل الحكم، وههنا في علة الحكم.
فإن قيل، إذا قال الرجل لولد له أم معروفة: هذا ولدي، حتى يثبت النسب منه، ثم