ومن ذلك الجماع لما أوجب على الرجل الكفارة بعلة الفطرية نصاً دل على الإيجاب على المرأة لأن الجماع يعمهما.
ولما صح صوم عاشوراء بالنية من النهار وهو واجب نصاً بالأمر دل على صحة صوم رمضان وإن لم يتناوله النص لأنه مثله في صفة الوجوب، وهو أنه واجب بسبب ذلك الوقت عينه لا سبب له غيره.
وضرب الدلالة من باب البلاغة معنى.
وضرب الإشارة من باب البلاغة لفظاً فذلك لفظ تضمن معنيين وهذا لفظ في محل خاص تضمن معنى عاماً فكانا من ضروب الفصاحة.
وقد قال الشافعي رحمه الله: إن الكفارة لما وجبت بقتل الخطأ فبقتل العمد أولى لأن الخطأ عذر مسقط لا موجب لحقوق الله تعالى، فلما لم يسقط ضمان الكفارة مع قيام العذر فبدون قيامه أولى كما قلنا نحن في قضاء صوم السفر.
وكذلك الكفارة لما وجبت باليمين المعقودة إذا حنث فيها وصارت كاذبة فالتي هي كاذبة من الأصل أولى بالإيجاب لوجود ذلك الكذب فيه وزيادة إلا أن نقول بالقتل خطأ وجبت الكفارة لا بنفس القتل لأن نفسه فعل محظور إذا كان بغير حق، وإنما يأخذ صفة الإباحة بالخطأ فإن الشرع أباح له الرمي باجتهاده.
ولا بد لسبب الكفارة من صفة الإباحة مع صفة الحظر لأن في الكفارة معنى العبادة، ومعنى العقوبة على ما بينا من بعد.
ووجوب العبادات لا يتعلق بارتكاب المحظورات والمعاصي، بل بأسباب مباحة موجبة كملك النصاب.
ووقت الصلاة، والعقوبات تتعلق بارتكاب الجرائم، فإذا اجتمع لها صفة العبادة والعقوبة لم يجب إلا بسبب مباح محظور فلم يصر الحرام المحض بمعنى ما فيه الإباحة في صلاحه سبباً للكفارة.
وكذلك اليمين الغموس حرام محض ما فيه وجه إباحة شرعاً، والمعقودة مباحة فإن الشرع أمر به في بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم والحلف الحق محظورة من وجه لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم} أي لا تحلفوا، وقوله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} الآية فكان الوجوب معلقاً في المعقودة بالوصفين جميعاً فلا يصير الحرام المحض من جنسه بل الحرام المحض من جنس الزنا والردة والسرقة فلا يصلح سبباً للكفارة بل للعقوبة المحضة إما في الدنيا وإما في الآخرة.
وأما النوع الرابع وهو المقتضى فزيادة على النص لم يتحقق معنى النص بدونها