معنى الزنا، إلا أن أبا حنيفة رضي الله عنه يقول فيه معنى زائداً وهو أن الحدود شرعت زواجر، وليست اللواطة كالزنا في الحاجة إلى الزاجر.
لأن الزنا مما يرغب فيه الفاعل والمفعول بها، واللواطة لا يرغب فيها المفعول به طبعاً.
ولأن في الزنا ضياع النسل وفساد فراش الزوج، وليس في اللواطة فساد الفراش فلم تساويه جناية.
ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي أكل وشرب ناسياً: "أتم على صومك فإن الله تعالى أطعمك وسقاك" فسقط حكم الفطر من الأكل بالنص، ومن الجماع بدلالة النص.
لأن المسقط من حيث النص نسيانه للصوم وإنه يتعدى إلى الجماع، والجماع مفطر مثل الأكل سواء.
وكذلك كفارة الإفطار على الأعرابي الذي جامع امرأته في نهار رمضان ثبت بالنص، وعلى غيره بدلالة النص بالإجماع.
وكذلك يجب بالأكل والشرب بدلالة النص لأن الجماع أوجبها بالإجماع لا بمعناه وقوعاً على المرأة، وهو اقتضاء شهوة الفرج فإنه لو كان سبباً لصومه لا يجب ولكن بمعناه وقوعاً على الصوم فإنه مفطر للصوم، والكفارة كفارة فطر، ومعنى الإفطار عام تعلق به وبالأكل والشرب سواء لأن الصوم كان صوماً للكف عن اقتضاء شهوة البطن والفرج، فلما استويا في قيام الصوم بالكف عنهما استويا في انتقاضه بفعلهما ضرورة، وذلك هو الإفطار.
ولما كان الإيجاب في الأكل بالإفطار الذي هو في الجماع لم يكن قياساً بل كان عملاً بمعنى الاسم الثابت نصاً إلا أنه اسم شرعي فالأكل اسم للإفطار شرعاً كالصوم بل كان القياس ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى في أن من أكل مكرهاً لم يفسد صومه كالناسي لأن الكره غير النسيان اسماً ومعنى.
فلما لم يكن الحكم مضافاً إلى الموجب الثابت بالنص بل إلى غيره كان قياساً فكان فاسداً لأن النص معدول بحكمه عن القياس على ما بينا في موضعه.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا قود إلا بالسيف" فوجب القود بالسيف بالنص، وبالرمح لأنه مثل السيف فالمراد بالسيف هو القتل به لا قبضه، والرمح مثله قتلاً به، وكذلك السهم وما يجرح.