وذلك الاسم يتناول بعض الجنس غير معلومات فلا يمكن تعريفهن فلغى معنى الجماعة صيغة، وكانتا لتعريف الجنس لأن الجنس معلوم، وأما النكرة من الاسم كقول الله تعالى وتعالى: {فتحرير رقبة}، وقولنا: اشتر لي عبداً بألف درهم، ولفلان علي درهم فللخصوص في أصل اللغة لأنه اسم وضع لفرد من أفرد الجملة، فتقول: رقبة من الرقاب، وعبد من العبيد. ولا تقول: النساء من النساء، ولا الماء من الماء، قال الله تعالى: {إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً} فالمراد بذلك الواحد، وإذا كان للخصوص لغة قلنا: إذا جاءت في الإثبات خصت صورة ومعنى كقولك: رأيت رجلاً، ولفلان علي درهم، وقد حججت حجة، وكقول الله تعالى: {فتحرير رقبة} فإنها للإيجاب، ولا تجب إلا واحدة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "في خمس من الإبل شاة" ولا يجب إلا واحدة.
فإن قيل: أليس قوله تعالى: {فتحرير رقبة} تناول كل رقبة حتى قيل تخصيص العمياء والمجنونة والمدبرة من الجملة؟
قلنا: إن الآية للإيجاب ولا يجب إلا تحرير رقبة واحدة، فأما المحل الصالح للأداء فعام ما من رقبة إلا وهي صالحة للتحرير، ولكن الصلاح ليس من حكم النص بل كان صالحاً له قبل النص ولكن كان التحرير قبل النص غير واجب وبالنص انقلب واجباً فانقلب خاصاً لا عاماً بحكم النص كمن نذر أن يتصدق بدرهم يلزمه درهم، وكل درهم يصلح لأداء الصدقة وليس ذلك بحكم النذر بل كان صالحاً لها قبل النذر، ولهذا قيل: إن النكرة إذا كرر ذكرها كانت الثانية غير الأولى قال الله تعالى: {فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً} قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لن يغلب عسر واحد يسرين" لأن اليسر كرر بلفظ النكرة، وهذا لأنها تتناول واحداً من الجملة غير عين.
ولو انصرفت الثانية إلى الأولى لتعينت ضرب تعين بأن لا يشاركها غيرها فيه.
ولو كانت عامة لما كانت شيئاً آخر بالتكرار لأن المسمى على العموم واحد في البابين كاسم الجنس.
ولهذا قال أبو حنيفة رضي الله عنه، فيمن قال: لفلان علي ألف درهم وأشهد ثم كررها في مجلس آخر وأشهد: كانا مالين على اعتبار الحقيقة ولهذا لم تعتبر صفة الإيمان بحكم النص وهو قوله تعالى: {فتحرير رقبة} لأن النص سكت عن أوصاف الرقبة فيكون إثبات ما سكت عنه النص زيادة عليه لا تخصيصاً، بخلاف العمياء لأن الرقبة اسم لغير الهالكة لغة، والعمياء هالكة من وجه وإذا كانت النكرة في النفي عمت